الوجوب ليلزم كونه واجبا أو ممتنعا ، فلا يظهر امتناعه. واستدل الجمهور على امتناعه بوجوه: ـ
الأول : أنه لو كان أحد الطرفين أولى بالممكن نظر إلى ذاته ، فمع تلك الأولوية ، إما أن يمتنع وقوع الطرف الآخر فيكون الطرف الأولى واجبا لذات الممكن فلا يكون ممكنا ، بل واجبا أو ممتنعا هذا خلف ، وإنما (١) يمكن ، وحينئذ فوقوعه إما أن يكون بلا سبب يرجحه ، فيلزم ترجيح المرجوح. أعني الطرف الغير الأولى ، أو يكون بسبب بغير رجحانه فيكون وقوع (٢) الطرف الأولى متوقفا على عدم ذلك (٣) السبب ، فلا يكون أولى بالنظر إلى ذات الممكن ، بل مع عدم ذلك السبب هذا خلف.
والجواب : أنه لا يلزم من توقف الوقوع على أمر توقف الأولوية عليه ، حتى يلزم كونها غير ذاتية ، وذلك لأن التقدير : أن المراد بها رجحان ما لا إلى حد الوجوب.
الثاني : أن الممكن يقتضي تساوي الوجود والعدم بالنظر إلى ذاته ، لما أن كلا منهما لا يكون إلا بالغير ، فلو اقتضى أحدهما لذاته لزم اجتماع المتنافيين. أعني اقتضاء التساوي ولا اقتضاءه.
والجواب : أنا لا نسلم أن الممكن يقتضي تساوي الطرفين ، بل لا يقتضي وقوع أحدهما وهو لا ينافي اقتضاء أحدهما لا إلى حد الوجوب ، والوقوع على ما هو المراد بالأولوية.
الثالث : أنه لو كان أحد الطرفين أولى لذات الممكن ، فإما أن يمكن زوال تلك الأولوية بسبب أو لا. فإن أمكن لم تكن الأولوية ذاتية لتوقفها على عدم ذلك السبب ، ولأن ما بالذات لا يزول بالغير ، وإن لم يمكن كان الطرف
__________________
(١) في (ب) وأما بدلا من (وإنما).
(٢) سقط من (ب) لفظ (وقوع).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (ذلك).