الحالة الاجتماعية
لا أحد ينكر أن موارد العالم الإسلامي كثيرة ومتنوعة ، وأرضه خصبة ومنتجة ، وأهله يميلون إلى العمل ، وإلى السعي في الأرض ، والضرب في فجاجها ، ولكن ما حل في القرن السابع الهجري ، من سقوط الخلافة الإسلامية في بغداد عام ٦٥٦ ه على يد المغول والتتار ، ثم ما حاولته الصليبية في الغرب ، من انتهاز ضعف المسلمين ، وشن الغارات عليهم ، الواحدة بعد الأخرى (١) ، قد أضعف موارد البلاد وأنهك اقتصادياتها ، فمزارعها وحدائقها وبساتينها نهبا مباحا للجيوش المغيرة ، وكلأ سهلا أمام شراسة الهجمات ، من قوم لا يؤمنون بعقيدة ، ولا يهتدون بوحي ، الأمر الذي جعلهم يتسلطون على الأهالي الآمنين ، تسلط الذئاب المفترسة للقطيع الوديع ، والذي جعل الكثير من أفراد الشعب تفضل الموت جوعا وعطشا في منازلهم ، على الموت في مزارعهم أو حوانيتهم بيد المغيرين المتسلطين.
ويصور لنا العماد ابن كثير ما حدث في سنة ٧١٨ ه فيقول :
«قل المطر في بلاد الجزيرة والموصل ، فحصل الجدب والقحط ، وارتفعت الأسعار ، وعدمت الأقوات ، بحيث أكلوا كل ما وجدوا من الجمادات
__________________
(١) استطاع السلطان الأشرف ابن قلاوون أن يسترد من الصليبيين عكا سنة ٦٩٠ ه ، وصور وصيدا وبيروت وقلعة الروم وجميع الساحل.
(انظر البداية والنهاية لابن كثير ١٣ ـ ٣١٩ ، والنجوم الزاهرة ٨ ـ ٣).