نشأته
ولد التفتازاني بقرية تفتازان ، التابعة لمدينة (نسا) وهي مدينة بخراسان. تحيط بها سرخس ، ومرو ، ونيسابور ، ويعلل العلماء سبب تسميتها بهذا الاسم أن المسلمين لما وردوا خراسان قصدوها ، فبلغ أهلها أخبار الجيش المغير الفاتح ، فهربوا ، ولم يتخلف بها غير النساء ، فلما أتاها المسلمون لم يجدوا فيها رجلا واحدا فقالوا : هؤلاء نساء ، والنساء لا يقاتلن ، فننسى أمرها الآن إلى أن يعود رجالهن فتركوها ومضوا ، فسميت بذلك (نسا) والنسبة الصحيحة إليها (نسائي) وقيل نسوي أيضا.
وهذه المدينة كانت ملتقى أبناء المسلمين النازحين إليها لحفظ القرآن ، والتفقه في أمور الدين ، ولقد ترك التفتازاني قريته الصغيرة ، ورحل إلى (نسا) ولا ندري كم من الأعوام قضاها في تلك المدينة؟ ، ولا الحلقات الأولى التي تلقى فيها قواعد الخط ، وإملاء الكتابة ، واستظهار القرآن ، والتفقه في أمور الدين ..؟
لا شك أنه عاش فيها فترة يهملها التاريخ تماما ، حتى يحدثنا ابن العماد الحنبلي بأنه يترك (نسا) وينتقل فجأة إلى سمرقند ، ويظهر ظهورا بارعا في حلقة العضد مع طلاب كبار ، ودعوا عهد الطفولة ، وأخذوا يعبون من المعرفة عبا ، ويصاولون أستاذهم في أقيسة أرسطو ، وشذرات ابن سينا ، وتهويمات الفارابي في مدينته الفاضلة ، ويصبون اللعنات على أفلاطون لقوله بنظرية العقول