وقد يقال : لو كفى مثل هذه الاعتبارات ، فللواحد الحق أيضا كثرة سلوب (١) وإضافات (٢) فيصلح مبدأ لكثرة من غير توسط المعلولات (٣).
ويجاب بأنها تتوقف على ثبوت الغير (٤) فتوقفه عليها دور).
أي الشبه المذكورة بوجوه :
الأول : أن الجسمية وهي أمر واحد تقتضي أثرين هما التحيز أي الحصول في حيز ما(٥) وقبول الأعراض أي الاتصاف بها. فإن نوقش في استنادهما إلى مجرد الجسمية ، وجعل للحيز والأعراض مدخل في ذلك ينقل الكلام إلى قابلية الجسم للتحيز ، وقابليته للاتصاف بالأعراض ، فإنهما يستندان إلى الجسمية لا محالة. وإن نوقش في وحدة الجسمية ، بأن لها وجودا أو ماهية وإمكانا وجنسا وفصلا ، وغير ذلك.
قلنا : هي بجميع ما فيها ، ولها شيء واحد يستند إليه كل من الأمرين. ولا معنى لاستناد الكثير إلى (٦) الواحد سوى هذا.
وأجيب : بأنا لا نسلم أن التحيز وقبول الأعراض أو القابلية لهما من الأمور الوجودية التي تقتضى مؤثرا إما تحقيقا فظاهر ، وإما لزاما ، فلأن الفلاسفة وإن قالوا بوجود النسب ، والإضافات لم يعمموا ذلك ، بحيث يتناول قابلية التحيز مثلا. ولو سلم فلا نسلم استناد كل من الأمرين إلى الواحد المحض ، بل أحدهما باعتبار الصورة ، والأبعاد (٧) والآخر باعتبار المادة.
__________________
(١) مثل سلب الإمكان والحدوث والفناء عنه.
(٢) وله إضافات مثل كونه مبدأ الغير وكونه واجبا بالذات وكونه سابقا لكل شيء.
(٣) في تلك الكثرة لكن سلم الخصوم أن تلك الحيثيات لا تصح بها كثرة فلزمهم أن حيثية التوسط لا تصلح لإيجاب الكثرة لاستواء جميع الحيثيات في كونها عدمية.
(٤) أي غير الواحد الحق والفرض أن كل ما هو غير الواحد حاصل عن تلك الاعتبارات فيكون ذلك الغير متوقفا على تلك الاعتبارات توقفه عليها في الثبوت مع توقفها عليه في الثبوت أيضا فيكون دور وهو محال.
(٥) في (ب) في حيزها بدلا من (حيز ما).
(٦) في (أ) بزيادة جملة (إلى الواحد).
(٧) سقط من (ب) لفظ (الأبعاد).