ذكروه : أنه إذا صدر عن المبدأ الأول الذي ليس فيه تكثر جهات واعتبارات شتى (١). كان ذلك الشيء واحدا بالحقيقة والذات ، لكن يعقل له بحسب الاعتبارات المختلفة أمور ستة هي : الوجود ، والهوية ، والإمكان ، والوجوب بالغير ، وتعقل ذاته ، وتعقل مبدئه. فيجوز أن يصدر عنه بحسب تلك الاعتبارات أمور متكثرة. ويظهر ابتداء سلاسل متعددة. وكذا يجوز أن يصدر عن ذلك الشيء الواحد (٢) الذي هو المعلول الأول معلول ثان. وعن المبدأ الأول يتوسطه معلول ثالث. ويتوسط المعلول الأول والثاني والثالث (٣) معلول رابع وهكذا عن كل معلول يتوسط ما فوقه أو ما تحته. وعن الواجب يتوسط ما تحته جملة أو فرادى ، فيكون هناك سلاسل غير محصورة ، ولبعض المحققين رسالة في تفصيل ذلك ، وأورد نبذا منه في شرحه للإشارات واعتراض الإمام بأن الوجود والوجوب والإمكان اعتبارات عقلية ، لا تصلح علة للأعيان الخارجية ، ولما كان ظاهرا أنها ليست عللا (٤) مستقلة ، بل شروطا ، وحيثيات تختلف بها أحوال (٥) العلة الموجودة.
اعترض : بأنه لو كفى مثل هذه الكثرة في أن يكون الواحد مصدرا للمعلولات الكثيرة. فذات الواجب تعالى تصلح أن تجعل (٦) مبدأ للممكنات باعتبار ماله من كثرة السلوب والإضافات من غير أن يجعل بعض معلولاته واسطة في ذلك. ويحكم بأن الصادر الأول عنه (٧) ليس إلا واحدا.
وأجيب : بأن السلوب والإضافات لا تعقل إلا بعد ثبوت الغير ، فلو كان لها دخل في ثبوت الغير لكان دورا.
__________________
(١) في (أ) شيء وفي (ب) شتى.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (الواحد).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (الثالث).
(٤) في (ب) علة بدلا من (عللا).
(٥) سقط من (أ) لفظ (أحوال).
(٦) في (ب) لجعلها بدلا من (أن تجعل).
(٧) في (أ) بزيادة لفظ (له).