لأن القوى الجسمانية المتشابهة إنما تختلف باختلاف محالها بالصغر والكبر ، لكونها متجزئة بتجزئتها. وأما في قبول الحركة فالصغير والكبير فيه (١) متساويان لأن ذلك للجسمية ، وهي فيهما على السوية ، فإذا فرضنا حركة الصغير والكبير بالطبع من مبدأ معين لزم التفاوت (في الجانب الآخر ضرورة أن الجزء لا يقوى على ما يقوى عليه الكل ، فتنقطع حركة الصغير ، ويلزم منه انتهاء حركة الكبير لكونهما على نسبة جسميهما ، فقوله) (٢). لتفاوت الصغير والكبير بيان للاختلاف القسري ، باختلاف القابل ، وقوله : وتساويهما في القبول بيان لعدم اختلاف الطبيعي باختلاف القابل. وقوله : فإذا فرض في حركتيهما أي حركتي الصغير والكبير شروع في تقدير الدليل وهو جامع للقسري والطبيعي ، ولم يقع في كلام القوم إلا بطريق التفصيل على ما شرحناه. فإن نوقض الدليل إجمالا بالحركات الفلكية ، فإنها مع عدم (٣) تناهيها عندهم مستندة إلى قوى جسمانية لها إدراكات جزئية. إذ التعقل الكلي لا يكفي في جزئيات الحركة على ما سيجيء.
وتفصيلا بأنه لم لا يجوز أن تكون القوى الجسمانية أزلية (٤) لا يكون لحركاتها مبدأ ولو سلم فإنا لا نسلم إمكان ما فرضتم من اتحاد المبدأ ، بل مبدأ حركة الأصغر أصغر من مبدأ حركة الأكبر. ولو سلم فلم لا يجوز أن يكون التفاوت الذي لا بد منه (٥) هو التفاوت بالسرعة والبطء بأن يكون حركة الأصغر أسرع في القسرية ، وأبطأ في الطبيعية من غير انقطاع. ولو سلم فالتفاوت بالزيادة والنقصان لا يوجب الانقطاع كما إذا فرضنا لحركة فلك (٦) القمر ، وفلك زحل مبدأ من موازاة نقطة معينة من الفلك الأعظم ، فإن دورات القمر أضعاف دورات زحل مع عدم (٧) تناهيهما.
أجيب : عن الأول : بأن حركات الأفلاك إرادية (مستندة إلى إرادات وتعقلات جزئية مستندة) (٨). إلى نفوسها المجردة في ذواتها المقارنة في أفعالها
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (فيه).
(٢) سقط من (ب) ما بين القوسين.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (عدم).
(٤) في (ب) لذاته وهو بعيد عن الصواب.
(٥) سقط من (ب) لفظ (بد).
(٦) في (ب) تلك وهو تحريف.
(٧) سقط من (أ) لفظ (عدم).
(٨) ما بين القوسين سقط من (ب).