وإلا فكونه عندهم موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار أشهر من أن يمنع.
(قال : دون الموجب لو أمكن (١) إذ في التخلف (٢) عن تمام العلة (٣) ترجح بلا مرجح ، وما يقال إن تأثير حال البقاء إيجاد للموجود مدفوع لما سبق).
أي لو أمكن مؤثر قديم موجب بالذات على ما يدعيه الفلاسفة لم يمتنع استناد الأثر القديم إليه ، بل وجب أن يكون معلوله الأول ، وسائر ما يصدر عنه بالذات ، أو بالوسائط القديمة قديما ، وإلا لكان وجوده بعد ذلك ترجحا بلا مرجح ، حيث لم يوجد في الأزل ، ووجد فيما لا يزال مع استواء الحالين نظرا إلى تمام العلة ، واستدل الإمام على امتناع استناد القديم إلى الموجب أيضا ، بأن تأثيره في شيء يمتنع أن يكون حال بقائه ، وإلا يلزم (٤) إيجاد الموجود ، فتعين أن يكون حال حدوثه أو عدمه ، فيكون حادثا لا قديما.
وجوابه. ما سبق أن الممتنع إيجاد الموجود بوجود حاصل بغير هذا الإيجاد ، هو غير لازم ، وأن معنى تأثير المؤثر في الشيء ، وإيجاده إياه حال بقائه ، هو أن وجوده يفتقر إلى وجود المؤثر ، ويدوم بدوامه ، من غير أن يكون هناك تحصيل ما لم يكن حاصلا ليلزم حدوثه.
القديم يمتنع عدمه
(قال : فالقديم (٥) يمتنع عدمه لأنه إما واجب (٦) أو مستند إليه (٧) بطريق
__________________
(١) التأثير بالإيجاب الذاتي ولكنه عند التحقيق لا يمكن ، ضرورة أن القديم إذا لم يكن مختارا فلا يتخلف عنه أثره ، وإذا لم يتخلف عنه كان قديما معه ، والقدم وجوب ينافي الأثرية.
(٢) أي لأجل أنه يتحقق في تخلف المعلول.
(٣) التي هي المستند إليه التام على هذا التقدير.
(٤) في (ب) لزم بدلا من (يلزم).
(٥) مطلقا سواء كان واجبا بالذات أو بالغير على رأي الفلاسفة.
(٦) واجب بالذات فامتناع عدمه ظاهر وإلا لم يكن واجبا.
(٧) في وجوده إليه أي الواجب بالذات.