غيره من الأجزاء لا يستقل بإيجاد الجملة على ما لا يخفى ، وعلى أصل الدليل منع آخر ، وهو أنا لا نسلم افتقار الجملة المفروضة إلى علة غير علل الآحاد. وإنما يلزم لو كان لها وجود مغاير لوجود ذات (١) الآحاد المعللة كل منها بعلته.
وقولهم : إنها ممكن مجرد عبارة بل هي ممكنات تحقق كل منها بعلته. فمن أين يلزم الافتقار إلى علة أخرى؟ وهذا كالعشرة من الرجال لا يفتقر إلى غير علل الآحاد ، وما يقال أن وجودات الآحاد غير وجود كل منها كلام خال عن التحصيل (٢).
برهان القطع والتطبيق على استحالة التسلسل
(قال : الثاني (٣) نفصل من السلسلة (٤) جملة بنقصان واحد من طرفها (٥) ، ثم نطبق بين الجملتين ، فإن وقع بإزاء كل جزء من التامة (٦) جزء من الناقصة لزم تساوي الكل والجزء، وإلا لزم انقطاع الناقصة ، وتناهي التامة بالضرورة (٧) حيث لا تزيد عليها إلا بواحد(٨) ، ونوقض أصل الدليل بسلسلة الأعداد عند الكل ، ومعلومات الله تعالى عندنا ، وحركات الأفلاك عند الفلاسفة ، ولزوم انقطاع الناقصة بتضعيف الواحد مرارا غير متناهية مع تضعيف الاثنين كذلك. ومقدورات الله تعالى ومعلوماته ، ودورات زحل مع دورات القمر. وحاصله أنه يجوز أن يكون بإزاء كل جزء جزء لعدم تناهيهما لا لتساويهما. فإن سمى
__________________
(١) في (أ) لوجودات بدلا من (وجود ذات).
(٢) في (ب) التحض بدلا من (التحصيل).
(٣) من الأوجه التي يبين بها استحالة التسلسل ما يسمى برهان القطع والتطبيق.
(٤) التي فرض عدم تناهيها.
(٥) المتناهي : إحدى الجملتين يكون ابتداؤها مما قبل الفرد الناقص والأخرى يكون ابتداؤها من نفس ذلك الفرد إلى ما لا ينتهي فيهما.
(٦) وهي التي اعتبرت بلا نقصان فرد منها.
(٧) سقط من (ج) لفظ (بالضرورة).
(٨) إذا الفرض أن التامة هي الناقصة بعينها مع زيادة الجزء المنقوص ومعلوم أن الزائد بالمتناهي متناه.