الوجه الثالث
من استحالة التسلسل
(قال : الثالث (١) لما اشتملت السلسلة (٢) على معلول محض لزم اشتمالها (٣) على علة محضة (٤) تحقيقا لتكافؤ المتضايفين (٥) ، فينقطع ، وهذا مأخذ العبارات منها لو تسلسلت العلل لزم زيادة عدد المعلول على عدد العلة ، ضرورة أن كل ما هو علة فيها ، فهو معلول من غير عكس فيبطل التكافؤ. ومنها تطبيق بين جملتي العلية والمعلولية في تلك السلسلة ، فإن تفاوتا بطل التكافؤ ، وإلا لزم علية بلا معلولية (٦) ضرورة (٧) أن في الجانب المتناهي معلولية بلا علية).
الوجه الثالث : أنه لو لم تنته سلسلة العلل والمعلولات إلى علة لا يكون معلولا لشيء لزم عدم تكافؤ المتضايفين ، واللازم باطل لما سيجيء ، أو نقول : لو كان المتضايفان متكافئين لزم انتهاء السلسلة إلى علة محضة ، والمقدم حق لأن معناه أنهما بحيث إذا وجد أحدهما في العقل أو في الخارج وجد الآخر ، وإذا انتفى انتفى. وجه اللزوم أن المعلول الأخير يشتمل على معلولية محضة ، وكل مما فوقه على علية ومعلولية ، فلو لم ينته إلى ما يشتمل على علية محضة لزم معلولية بلا علية (٨).
__________________
(١) من الأوجه الدالة على استحالة التسلسل في العلل.
(٢) الحاصلة من العلل والمعلولات.
(٣) رأي اشتمال تلك السلسلة.
(٤) من الجانب الأول فتنقطع السلسلة عندها وهو المطلوب.
(٥) وذلك أن وصف التضايف وصف لا يتحقق إلا بين اثنين فإذا وجد موصوف يوصف التضايف فلا بد أن يكون ثم موصوف بإزائه ، له وصف يتحقق به التضايف فلزم تكافؤ أفراد وصف التضايف بأن يكون مقدار أحد المتضايفين على قدر مقدار الآخر.
(٦) تحقيقا للتكافؤ.
(٧) قالوا : يلزم تحقيق التكافؤ بوجود علية بلا معلولية لما ثبت بالضرورة من أن في الجانب المتناهي من السلسلة معلولية بلا علية وذلك في المعلول الأخير وهو المحض.
(٨) في (ب) بلا (علته) بدلا من (بلا علية).