فإن قيل : لما احتاجت الصورة إلى المادة امتنع كونها (١) جزءا من فاعلها للزوم الدور لما زعموا أن تشخص الصورة يكون بالمحل المعين ، ومن حيث هو قابل لتشخصها ، وتشخص المحل يكون بالصورة المطلقة ، ومن حيث هي فاعل لتشخصه فلا دور ، ولا تتقوم المادة بصورتين فى درجة ، إما بطريق الاستقلال بأن يكون كل منهما مقوما فظاهر ، لأن تقومها لكل منهما يستلزم الاستغناء عن الأخرى ، وإما بطريق الاجتماع فلأن المقوم (٢) حينئذ يكون هو المجموع إلى كل واحد ، والمجموع أمر واحد ويجوز تقوم المادة بصورتين فى درجتين كالصورة الجسمية والنوعية للمادة بمعنى أنها تفتقر فى وجودها إلى الصورة الجسمية المفتقرة إلى الصورة النوعية فيقع افتقار (٣) المادة إليها في الدرجة الثانية.
(قال : وقد يقال لكل هيئة فى قابل وجدانى بالذات أو بالاعتبار والمادة لمحلها كالبياض والجسم ويشبه أن يكون مثل السيف ، والسرير من هذا القبيل ، إذ الصانع لم يحدث فيه جواهر بل هيئة وحينئذ لا يرد الاعتراض بأن الهيئة السيفية ، ليست مما يجب معها السيف بالفعل كما فى الحجر ، وأما جواب إمام بأنا لا نعنى أن نوع الصورة يوجب المركب بل إن الصورة الشخصية السيفية مثلا ، توجب ذلك السيف بخلاف مادة الشخصية فيشعر بأن الصورة هاهنا بالمعنى السابق على أن السيف مثلا اسم للمركب من المعروض الّذي هو الجوهر (٤) والعارض الّذي هو الهيئة).
كل من الصورة والمادة يقال بالاشتراك بمعنى غير (٥) ما سبق ، فالصورة
__________________
(١) في (أ) كون المادة بدلا من (كونها).
(٢) راجع كلمة وافية عن حقيقة المقوم وتقسيماته في كتاب (اصطلاحات العلوم والفنون).
(٣) في (ب) احتياج بدلا من (افتقار).
(٤) راجع ما كتبناه عن الجوهر والعرض في الجزء الأول ، وأيضا ما كتبه صاحب المواقف عن الجوهر في الموقف الأول ، وأيضا صاحب كتاب اصطلاحات الفنون عند حديثه عن الجوهر ولعلماء الكلام حديث طويل حول هذا الموضوع.
(٥) في (ب) يختلف عما سبق بدلا من (بمعنى غير).