المبحث الخامس
الأعراض لا تبقى زمانين
(قال : ذهب كثير من المتكلمين إلى امتناع بقاء العرض ، فالظاهريون لأن استحالة البقاء معتبرة في مفهوم هذا الاسم كالعارض ونحوه ولأنه لو بقي فإما ببقاء محله فيدوم بدوامه ويتصف بسائر صفاته وإما ببقاء آخر فيمكن بقاؤه مع فناء المحل وضعفهما ظاهر ، والمحققون لوجهين :
الأول : أنه لو كان باقيا يلزم قيام العرض بالعرض ، وهو محال ورد بمنع المقدمتين.
الثاني : لو بقي لامتنع زواله إذ لو أمكن فإما بنفسه فيمتنع وجوده ، أو بزوال شرط فيتسلسل أو بطريان ضد (١) فيدور لأن اتصاف المحل بأحد الضدين مشروط بانتفاء الآخر على أن زوال (٢) الباقي بالطارئ ليس أولى ، بل بالعكس لأن الدفع أهون من الرفع أو بفاعل فيقتضي أثرا والنفي المحض لا يصلح ، ورد أولا بالنقض بالجسم ، وقد يدفع بأنه يزول بأن يخلق الله تعالى
__________________
(١) الضد : هو المخالف والمنافي ويطلق على كل موجود في الخارج مساو في قوته لموجود آخر ممانع له ، أو على موجود من مشارك لموجود آخر في الموضوع معاقب له ، بحيث إذا قام أحدهما بالموضوع لم يقم الآخر به ، لذلك قيل إن الضدين صفتان مختلفتان تتعاقبان على موضوع واحد ، ولا يجتمعان كالسواد والبياض والتهور والجبن. والفرق بين الضدين والنقيضين أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان كالوجود والعدم ، والحق والباطل على حين أن الضدين لا يجتمعان ولكن يرتفعان.
(٢) في (ب) إزالة بدلا من (زوال).