الحادث فيه ، كالصورة والعرض أو معه كالنفس مختلفة بالقرب والبعد والشدة والضعف ، بحسب حدوث شرط شرط وارتفاع مانع مانع مسماة بالقوة عند عدم الحادث زائلة عند وجوده (١) ككون الجسم في أوسط الحيز عند الوصول إلى نهايته ، وهل ذلك الزوال بواجب فيه تردد؟
(قال : فإن قيل : دوام المعلول بدوام علته التامة ضرورى (٢) فيمتنع استناد الحادث إلى القديم ، بل لا بد له من سبق حوادث متعاقبة (٣) مفيدة استعدادات متفاوتة مفتقرة إلى محل متعلق به (٤).
قلنا : القديم مختار يوجد الحادث متى شاء).
أعلم أن للفلاسفة في التقصي عن هذا الإشكال وجهين :
أحدهما : أن المراد الإمكان الذاتي ، ومعنى كون إمكان الحادث قبل وجوده وجوديا ، تعلقه بموضوع موجود في الخارج ، وتقريره أن الإمكان لا محالة يكون بالقياس إلى وجود ، والوجود إما بالذات ، كوجود البياض في نفسه ، وإما بالعرض كوجود الجسم أبيض ، أما الإمكان بالقياس إلى وجود بالعرض ، وهو إمكان أن يوجد شيء شيئا آخر ، أو يوجد له شيء آخر ، كالبياض للجسم ، والصورة للمادة ، والنفس للبدن ، ولا خفاء في احتياجه إلى وجود شيء حتى يوجد له شيء آخر ، وأما الإمكان بالقياس إلى وجود بالذات ، وهو إمكان وجود الشيء في نفسه ، فذلك الشيء إن (٥) كان مما يتعلق وجوده بالغير ، أي يكون بحيث إذا وجد كان موجودا في غيره كالعرض والصورة ، أو مع غيره كالنفس ، فهو كالأول في الاحتياج إلى موضوع يقوم به إمكان ذلك
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (وجوده).
(٢) أي لو صح تخلفه عنها احتاج في ترجح وجوده بعدها إلى مرجح ولا مرجح إلا الاختيار ، ولا اختيار للعلة فيلزم من تأخره ترجيح بلا مرجح لاستواء أوقات الحصول بالنظر إلى الحاصل وإلى العلة.
(٣) بعضها إثر بعض.
(٤) لاستحالة قيام الصفة بنفسها فتفتقر إلى محل وذلك المحل هو الذي نعني بالمادة.
(٥) في (ب) إذا بدلا من (إن).