للماضي ولا للمستقبل من الزمان ، كيف ولا معنى للماضي إلا ما فات بعد الكون ، ولا للمستقبل إلا ما هو بصدد الكون ، بل غاية الأمر أنه لا وجود لهما في الحال ، فإن قيل الماضي لا وجود له في الحال ، ولا في المستقبل وهو ظاهر ولا في الماضي لأنه إما أن يكون منقسما فيلزم اجتماع أجزاء الزمان ، أو غير منقسم فيلزم الجزء الذي لا يتجزأ ، وكذا الكلام في المستقبل.
أجيب : بأن الموجود في أحد الأزمنة أخص من مطلق الوجود وكذب الأخص لا يستلزم كذب الأعم.
فإن قيل : الموجود عام تنحصر أقسامه فيما يكون موجودا في الماضي أو في المستقبل ، أو في الحال ، والعام إذا انحصر في أقسام معدودة كل قسم (١) منها معدوم ضرورة أنه لا يوجد إلا في ضمن الخاص؟
أجيب بمنع انحصار الموجود في الأقسام الثلاثة لجواز أن يكون من الموجودات ما لا يتعلق وجوده بالزمان ، فيوجد ولا يصدق أنه موجود في شيء من الأزمنة ، كالزمان ، بخلاف الحركة فإنها لا تكون إلا في زمان فلهذا قال ابن سينا (٢) : إن عدم تناهي الحركات الماضية لا يوجب التسلسل لأنها ليست أمورا موجودة ، متصفة ، باللانهاية إذ لو كانت موجودة (٣) فوجودها إما في الماضي ، وإما في الحال ، وإما في المستقبل ، والكل محال.
نعم : يتم انحصار الزمان في الماضي والمستقبل والحال ، بل في الأولين لأن الحال ليس قسما برأسه ، بل حدا مشتركا بين الماضي والمستقبل ويجوز أن يكون كل منهما موجودا في الجملة ، وإن لم يوجد في شيء من الأزمنة لا بد (٤) لامتناع ذلك من دليل.
فإن قيل : الموجود في الجملة إما منقسم فيجتمع أجزاء الزمان أو غير منقسم فيلزم الجزء.
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (قسم).
(٢) هو الحسين بن عبد الله توفي ٤٢٨ سبق الترجمة له.
(٣) سقط من (ب) من أول : متصفة إلى موجوده.
(٤) في (أ) بزيادة (لا بد).