وأسرع منها أي تقطع المسافة في زمان أقل ، أو تقطع في زمان مساو لزمانها مسافة أطول فيكون دورا.
قلنا : لا نسلم توقف صحة هذه الأحكام على كون الزمان موجودا في الخارج فإن المنكرين يعترفون بكون الشيء مع الشيء أو بعده ، وكون بعض الحركات أسرع من البعض ، وأجاب الإمام بأن المقصود من هذا البرهان تحقيق ماهية الزمان وكونه مقدارا للحركة لا إثبات أصل وجوده فإنه بديهي.
الوجه الثاني : أن كون الأب قبل الابن ضروري لا يشك فيه عاقل وليست هذه القبلية نفس وجود الأب وحده لأنها إضافية بخلافه ، ولأنه قد يوجد مع الابن بخلافها ، ولا مع عدم الابن أو هو (١) وحده لأنه قد يكون عدما لاحقا لا يتصور كونه قبل الوجود مع اتحاد العدمين في كونهما عدم الابن وهذا معنى قولهم العدم قبل كالعدم بعد وليس قبل كبعد ، فتعين أن يكون قبلية الأب وبعدية الابن لأمر آخر ولا بد من أن ينتهي إلى ما تلحقه القبلية والبعدية لذاته قطعا للتسلسل وهو المراد بالزمان ، فإنه الذي يكون جزءا منه قبل ، وجزءا منه بعد ، بحيث لا يصير قبله بعد ولا بعده قبل ، وسائر الأشياء تكون قبلا لمطابقته الجزء القبل وبعد المطابقة الجزء البعد حتى لو وجد الأب في الجزء البعد والابن في الجزء القبل لكان الأب بعد الابن.
وأجيب عن الوجهين بأن ما ذكرتم من الإمكانات القابلة للتفاوت في القبلية المتصف بها وجود الأب من الاعتبارات العقلية دون الموجودات العينية بدليل أنه تتصف بها الإعدام فإن من اليوم إلى رأس الشهر ، أقل من اليوم إلى رأس (٢) السنة وإن عدم الحادث قبل وجوده ، فزعمت الفلاسفة أن المقصود التنبيه على وجود الزمان لا الاستدلال لأنه ضروري تعترف به العامة ومن لا سبيل لهم إلى الاكتساب ، ولهذا يقسمونه إلى السنين والشهور والأيام والساعات ، ويجري
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (هو).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (رأس).