القرب والبعد المفتقر إلى محل ليس هو نفس الحادث ، ولا أمرا منفصلا عنه لما تقدم ، بل متعلقا به ، هو المعنى بالمادة ، وهذا أيضا ضعيف ، لابتنائه على كون الصانع القديم موجبا بالذات ، إذ الفاعل بالاختيار يوجد الحادث متى تعلق به إرادته القديمة ، التي من شأنها الترجيح والتخصيص ، من غير توقف على شرط حادث.
وجوب سبق المدة لكل حادث
(وأما المدة (١) فلأن تعاقب الحوادث (٢) ، وسبق العدم على الوجود ، لا يتصور إلا بالزمان.
ورد : بأن مبنى الأول على ما مر ، والثاني على ما زعموا أن السبق ومقابلته يكون : إما بالعلية ، أو بالطبع (٣) ، أو بالزمان أو بالشرف ، أو بالرتبة (٤) الحسية ، أو العقلية طبعا أو وضعا.
وعندنا : قد يكون بالذات كما في أجزاء الزمان من غير افتقار إلى زمان آخر ، ولا يضرنا تسميته زمانيا ، على ما قال بعضهم إن السبق بالزمان قسمان (٥) وبعضهم إن الحقيقي منه ليس إلا الذي فيما بين أجزاء الزمان ، وإنما يعرض للغير بواسطته ، حتى إن مضى تقدم الأب على الابن ، تقدم زمانه على زمانه (٦) ، وقد يرجع الرتبى والشرفي أيضا (٧) إلى الزماني ، والزماني ما
__________________
(١) فقد قالوا : بوجوب سبقها كل حادث.
(٢) وجودا بأن لا يجتمع اثنان منها معا كما هو المستدل عليه بأن الحادث لا بد أن يستند إلى حادث وهلم إلى ما لا ينتهى.
(٣) وذلك بأن تكون طبيعية أي حقيقية المتقدم والمتأخر تقتضيان حاجة المتأخر منهما إلى المتقدم منهما.
(٤) بأن يكون مكان المتقدم منهما قبل مكان المتأخر سواء كانت المكانة حسية أو عقلية.
(٥) أحدهما أن يكون حصول المتقدم في زمن قبل حصول المتأخر ، وثانيهما : أن يكون تحقق المتقدم قبل تحقق المتأخر ، وإن وقعا معا في غير زمان.
(٦) أي الابن فقد ظهر أن هذا البعض سمي التقدم الذي بين أجزاء الزمان زمانيا وبالغ في تخصيصه باسم الزماني على رد المصطلح عليه في تسميته زمانيا إليه مع اعترافه بأن التقدم في أجزاء الزمان ليس واقعا في زمن هذا.
(٧) سقط من (ج) لفظ (أيضا).