إلى المتغير هو الدهر ، ونسبة الثابت إلى الثابت هو السرمد ، ويعمها الدوام المطلق ، والذي في الماضي أزل ، والذي في المستقبل هو الأبد (١).
قال الإمام : وهذا تهويل خال عن التحصيل لأن ما يفهم من كان ويكون إذا كان موجودا في الأعيان فإما أن يكون متغيرا فلا ينطبق على الثابت ، أو ثابتا فلا ينطبق على المتغير ، وهذا التقسيم لا يندفع بالعبارة ، واعترض بأنه لا استحالة في الانطباق بين المتغير والثابت ، فإنا نقول : عاش فلان ألف سنة فإنا نطبق مدة بقائه على ألف دورة من الشمس ، والمتكلمون يقولون : القديم موجود في أزمنة مقدرة لأنها لا نهاية لأولها ، والجواب أنه لا يصح حينئذ ما (٢) ذكر أن الزمان لما كان غير قار استحال أن يكون مقدار الهيئة قارة ، على أن انطباق مدة البقاء على ألف دورة إنما هو من انطباق المتغير على المتغير (٣) لأن المدة زمان ، والدورة حركة ، ثم لا يخفى إذ ليس الزمان نفس النسبة ، بل للمتغير الذي ينسب إليه المتغير ، وليس المراد مطلق النسبة ، بل نسبة المعية (٤) على ما صرح به البعض ، إلا أنه اقتصر من بيان هذه المعية على أنها ليست معية شيئين يقعان في زمان واحد.
ثم قال : وغير الحركة إذ المتحرك (٥) إنما ينسب إلى الزمان بالحصول معه لا فيه ، وهذه المعية وإن كانت بقياس ثابت إلى غير ثابت فهو الدهر وإن كانت بقياس ثابت إلى ثابت فهو السرمد ، وهذا الكون أعني كون الثابت مع غير الثابت ، والثابت مع الثابت بإزاء كون الزمانيات في الزمان ، فتلك المعية
__________________
(١) الأبد في اللغة الدهر ، والدائم والقديم ، والأزلي ، والجمع آباد وأبود ، وهو في الاصطلاح : الزمان الذي ليس له ابتداء ولا انتهاء أو المدة التي لا يتوهم انتهاؤها بالفكر والتأمل ، أو الشيء الذي لا نهاية له.
والأبد والأمد متقاربان. لكن الأبد لا يتقيد فلا يقال : أبد كذا. والأمد ينحصر فيقال : أمد كذا كما يقال : زمان كذا.
(٢) في (ب) فيما بدلا من (حينئذ ما).
(٣) في (أ) بزيادة (على المتغير).
(٤) في (ب) المعينة بدلا من (المعية).
(٥) في (ب) أو المتحرك بدلا من (إذ المتحرك).