كأنها متى للأمور الثابتة ، ولا يتوهم في الدهر ولا في السرمد (١) امتداد ، وإلا لكان مقدارا بالحركة ، ثم الزمان كمعلول للدهر والدهر كمعلول للسرمد ، فإنه لو لا دوام (٢) نسبة علل الأجسام (٣) إلى مبادئها ما وجدت الأجسام فضلا عن حركاتها ، ولو لا دوام نسبة الزمان إلى مبدأ الزمان (٤) لم يتحقق الزمان.
وقال ابن سينا : إن اعتبار أحوال المتغيرات مع المتغيرات هو الزمان ، واعتبار أحوال الأشياء الثابتة مع الأشياء المتغيرة هو الدهر ، ومع الأشياء الثابتة هو السرمد ، والدهر في ذاته من السرمد ، وهو بالقياس إلى الزمان ، دهر وهو يعني أن الدهر في نفسه شيء ثابت إلا أنه إذا نسب إلى الزمان الذي هو متغير في ذاته يسمى دهرا ، هذا ما وقع إلينا من شرح هذا الكلام والظاهر أنه ليس له معنى يحصل على ما قال الإمام.
وأما عن الثاني : فبأنا نختار أن الزمان مقدار للحركة بمعنى القطع وهي أمر غير قار يوجد منها (٥) جزء فجزء من غير أن يحصل جزءان دفعة وهذا معنى وجودها في الخارج ، وإنما الوهمي هو المجموع الممتد من المبدأ إلى المنتهى فكذا مقدارها الذي هو الزمان يكون بحسب المجموع وهميا لا يوجد منه جزءان دفعة ، بل لا يزال يتجدد وينصرم ، ويوجد منه شيء فشيء ، وهذا يقال : إن هناك أمرا غير منقسم يفعل سيلانه (الزمان كما أن في الحركة معنى هو الكون في الوسط يفعل سيلانه) (٦) الحركة بمعنى القطع.
واعترض بأن هذا قول بتتالي الآنات لأن ذلك الأمر الغير المنقسم ليس
__________________
(١) السرمد في اللغة : الدائم الذي لا ينقطع وفي التنزيل قول الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ، والسرمدي هو المنسوب إلى السرمد وهو ما لا أول ولا آخر وله طرفان : أحدهما دوام الوجود في الماضي ويسمى أزلا ، والآخر دوام الوجود في المستقبل ويسمى أبدا.
(٢) في (ب) لا بدلا من (لو لا).
(٣) في (ب) على بدلا من (علل).
(٤) في (ا) بزيادة (إلى مبدأ الزمان).
(٥) في (ب) فيها بدلا من (منها).
(٦) ما بين القوسين سقط من (ب).