من اعترف بإمكانه وإليه ذهب أفلاطون (١) وأتباعه وعمدتهم التعويل على الضرورة بمعنى أنا قاطعون بوجود أمر به التقدم والتأخر ، ومنه الماضي والمستقبل ، سواء وجد جسم وحركة أو لا ، حتى لو فرضنا أن الفلك كان معدوما فوجد ، ثم فنى كنا قاطعين بوجود ذلك الامر وبتقدم عدم الفلك على وجوده بمعنى كونه في زمان سابق ماض ، والوجود في زمان لاحق حاضر ، والفناء في زمان آخر مستقبل فلا يكون فلكا ، ولا حركة ، ولا شيئا من عوارضها. بل جوهرا أزليا يتبدل ويتغير ويتجدد ، وينصرم بحسب النسب والإضافات إلى المتغيرات ، لا بحسب الحقيقة والذات ، ثم إنه باعتبار نسبة ذاته إلى الأمور الثابتة (٢) سمي سرمدا ، أو إلى ما قبل المتغيرات دهرا ، وإلى مقارنتها زمانا ، ولما لم يثبت امتناع عدمه في نفسه لم يحكم بوجوبه ، وأنت خبير بحال دعوى الضرورة في مثل هذا المتنازع الهائل الذي لا يرجى فيه تقرر الآراء على شيء.
__________________
(١) أفلاطون : فيلسوف يوناني عاش بين عامي ٤٢٧ ق. م ٣٤٧ ق م ، وهو تلميذ سقراط ، ومعلم أرسطو. عاش في أثينا ، وتنقل بين مصر وقبرص وصقلية ، وأسس المدرسة التي عرفت في التاريخ الفكري بالاكاديمية ، من مؤلفاته كتاب الجمهورية ، وكتاب السياسة والقوانين ، تعرفه المراجع العربية بانه ، أفلاطون بن أرسطون أحد أساطين الحكمة الخمسة من اليونان ، أخذ عن فيثاغورس وشارك سقراط في الأخذ عنه وعنه أخذ أرسطو طاليس. من كتبه : السياسة نقله حنين بن إسحاق ، والمناسبات نقله يحي بن عدي ، وأصول الهندسة نقله قسطا بن توما ، وكتاب التوحيد واللذة نقلهما يحي بن عدى.
(راجع القاموس الإسلامي ص ١٤٥ بتصرف).
(٢) في (ب) الثانية وهو تحريف.