أنه لو كان السطح لم يساو التمكن ، كما إذا جعلنا المدور صفحة دقيقة وبالعكس ، ولم تقم الأجسام ، إذ لا حاوي للمحيط وتبدلت الأحكام.
إذ الطير الساكن في الهواء الهارب يستبدل السطوح ، فيلزم تحركه ، والقمر المتحرك لا يستبدلها فيلزم سكونه ، ومكان زيد حين ملأه الهواء موجود ، ويلزم عدمه ، إلى غير ذلك من الأمارات ، التي ربما تفيد قوة الظن ، وإن لم يتم برهانا).
قال : حجة البعد ، احتج القائلون بكون المكان هو البعد ، بأنه لو كان هو السطح ، لزم انتفاء أمور يحكم بديهة العقل بثبوتها منها مساواة المكان للمتمكن ، فإن الشمعة المدورة إذا جعلناها صفحة رقيقة ، كان السطح المحيط بها أضعاف المحيط بالمدورة ، وإذا جعلنا الصفحة المدورة ، كان السطح المحيط بها اقل من المحيط بالصفحة ، مع أن (١) الجسم في الحالين واحد. وكما إذا (٢) جعلنا في المكعب نقرة عميقة ، يزيد السطح المحيط به مع انتقاص (٣) الجسم ، ومنها كون كل جسم في مكان ، مع أن الجسم المحيط بالكل لا يحويه جسم ، ليكون سطحه الباطن مكانا (٤) له ، ومنها سكون الطير الواقف في الهواء عند هبوب الرياح ، فإنه يتبدل عليه السطوح المحيطة به ، مع أن تبدل الأمكنة إما (٥) نفس الحركة الأينية (٦) ، أو ملزوم لها ، ومنها حركة القمر الدائر (٧) ، لأن السطح المحيط به من فلكه واحد لا يتبدل ، وعدم تبدل المكان ملزوم السكون ، لأن تبدله لازم الحركة ، أو نفسها ، ومنها
__________________
ـ المستقيم الذي يقتضي صحة أحد النقيضين. وقد وردت الحجة في القرآن بمعنى المنافرة والمخاصمة قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ). وورد بمعنى البرهان تارة من المؤمنين مع الكفار قال تعالى : (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ). وتارة من الكفار بحسب اعتقادهم الباطل قال تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا). وتارة مع ابراهيم عليهالسلام في تمهيد قواعد الإيمان (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ).
(بصائر ذوي التمييز ج ٢ ص ٤٣١).
(١) سقط من (أ) حرف (أن).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (كما)
(٣) في (أ) انتقاض بدلا من (إسقاط).
(٤) في (ب) الناظر بدلا من (الباطن).
(٥) سقط من (ب) لفظ (إما).
(٦) في (ب) الأنية وهو تحريف.
(٧) في (ب) الدابر بدلا من (الدائر).