(قال : القسم الأول : الكيفيات المحسوسة.
وهي أنواع :
النوع الأول : الملموسات وفيه مباحث).
وأجيب بأن البحث فيه قد يقع من حيث الافتقار إلى المادة ، وهو بحث الوحدة (١) والكثرة من الإلهي ، وقد يقع من حيث الافتقار كالجمع والتفريق والضرب ، ونحو ذلك مما في الحساب ، وهو من الرياضي ، وفيه نظر. لا يقال : المراد ما يعلق بالجسم في الجملة ، وإن لم يختص به ، وكيفيات العدد كذلك ، لأنا نقول حينئذ يكون معنى كون الكيفيات النفسانية ما لا يتعلق بالجسم ، أنها لا تتعلق به أصلا ، وفساده بين ، بل بمعنى أنها لا تتعلق به خاصة ، بحيث تستغني عن النفس.
قال : القسم الأول : الكيفيات المحسوسة وهي إن كانت راسخة كصفرة الذهب ، وحلاوة العسل ، سميت انفعاليات ، لانفعال الحواس عنها أولا ، ولكونها بخصوصها أو عمومها تابعة للمزاج الحاصل من انفعال العناصر بموادها ، فالخصوص كما في المركبات مثل حلاوة العسل والعموم كما في البسائط ، مثل حرارة النار فإن الحرارة من حيث هي قد تكون تابعة للمزاج ، ولانفعال المواد وهذا معنى قولهم : تشخصها أو نوعها ، وإلا فالحرارة ليست
__________________
(١) الوحدة ضد الكثرة ، لأنها كون الشيء بحيث لا ينقسم ، والكثرة كونه بحيث ينقسم ، والوحدة في فلسفة ابن سينا من لوازم الماهيات لا من مقوماتها. قال : فقد بان بهذه الوجوه الثلاثة التي أحدها كون الوحدة غير ذاتية الجواهر بل لازمة لها ، والثاني : كون الوحدة معاقبة للكثرة في المادة ، والثالث : كون الوحدة مقولة على الأعراض أن طبيعة الوحدة طبيعة عرضية وكذلك طبيعة العدد الذي يتبع الوحدة ويتركب منها.
(راجع النجاة ص ٣٤١).