الحقيقي هو الذي بالعلية أو بالطبع ، والمعنى المشترك بينهما كون المتأخر محتاجا في تحققه إلى المتقدم من غير احتياج للمتقدم إليه ، إلا أن المتقدم في الذي بالعلية هو المفيد لوجود المتأخر ، ولا كذلك في الذي بالطبع ، والمعتبر هل (١) هو العلة التامة أم الفاعلية؟ فيه تردد ، فعلى الأول : يكون المتقدم والمتأخر بالعلية متلازمين وجودا وعدما.
وعلى الثاني : قد توجد ذات المتقدم بدون ذات المتأخر بأن ينتفي (٢) بعض شروط التأثر ، والمتقدم بالطبع لا يستلزم المتأخر وجودا (٣) بل عدما ، والمتأخر يستلزمه وجودا لا عدما (٤) ، وأما بالنظر إلى وصفي التقدم والتأخر فبين كل متقدم ومتأخر تلازم وجودا وعدما ، لكونهما متضايفين ، لكن إذا اعتبرا من قسم واحد ، فإن تضايف المتقدم بالطبع مثلا ، إنما هو مع المتأخر بالطبع لا بالعلية أو الزمان أو الرتبة أو الشرف ، وعلى هذا قياس سائر الأقسام ، والمعنى المشترك بين التقدم بالعلية ، والتقدم بالطبع ، قد يقال له التقدم بالذات ، وقد يقال له التقدم بالطبع ، ويخص ما بالعلية باسم الذاتي ، وقد يسمى التقدم (٥) بالطبع تقدما بالذات. بمعنى أن المتقدم مقوم محتاج إليه باعتبار الذات. والحقيقة دون مجرد الموجود كما في العلية ، فإن ذات الاثنين لا تتم ولا تعقل بدون الواحد. ولا خفاء في أن هذا إنما هو في الجزء دون الشرط ، فالحكم ليس بكلي على ما يشعر به ظاهر عبارة المواقف.
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (هل).
(٢) في (ب) بين بدلا من (ينتفي).
(٣) في (ب) لا بدلا من (بل).
(٤) سقط من (ب) جملة (والمتأخر يستلزمه وجودا لا عدما).
(٥) في (أ) القدم بدلا من (التقدم).