ما ، وسيجيء بيان تحققه ومغايرته للطبيعة ، ويبقى الاشتباه في أنه من أي قسم من أقسام الكيف ..؟
(قال : وقد يجعل أنواعه ستة بحسب الجهات ، إلا أن الطبيعي منها إنما يكون إلى فوق أو تحت لما أنهما الجهتان الحقيقيتان ، والبواقي إضافية تتبدل فلا تكون أنواعا.
على أن الحصر في الست عرفي لا حقيقي ، إذ الجهات متكثرة جدا كأجزاء الجسم ، أو غير منحصرة أصلا كانقساماته.
فالطبيعي (١) من الاعتماد الثقل ، وهي كيفية تقتضي حركة الجسم إلى حيث ينطبق مركزه على مركز العالم ، وإلى صوب المركز في أكثر المسافة بينه وبين المحيط ، من غير أن يبلغه والخفة وهي العكس).
قال : وقد تجعل أنواعه أي أنواع الاعتماد ستة بحسب الحركات في الجهات الست ، ويدعى تضادها مطلقا ، إن لم تشترط بين المتضادين غاية الخلاف ، وإن اشترط انحصر التضاد فيما بين المتقابلين كالاعتماد والصاعد والهابط مثلا ، وفي جعل أنواع الاعتماد شيئا ضعف من وجهين :
أحدهما : أن الاعتماد الطبيعي الذي يتصور فيه الاختلاف بالحقيقة إنما هو الصاعد والهابط ، أعني الميل إلى العلو والسفل اللذين هما الجهتان الحقيقيتان اللتان لا يتبدلان أصلا ، حتى لو تنكس الإنسان لم يصر فوقه تحتا ، وتحته فوقا ، بل صار رجله إلى فوق ورأسه إلى تحت ، بخلاف سائر الجهات ، فإنها إضافية تتبدل ، كالمواجه للمشرق إذا واجه المغرب صار قدامه خلفا ، ويمينه شمالا ، وبالعكس ، فتتبدل الاعتمادات ، أي يصير اعتماده إلى قدام اعتمادا إلى خلف وبالعكس ، وكذا إلى اليمين والشمال فلا يكون أنواعا مختلفة.
وثانيهما : أن حصر الجهات في الستة أمر عرفي ، اعتبره العوام من حال الإنسان في أن له رأسا ، وقدما ، وظهرا ، وبطنا ، ويمينا ، وشمالا ، والخواص
__________________
(١) في (ج) فالحقيقي بدلا من (فالطبيعي).