الضوء الخاص الذي لا يتفاوت فيه أفراده كضوء الشمس (١) مثلا ، وإنما يقع الاشتباه من جهة أن الأنواع قد يكون لجملة جملة منها عارض خاص ، واسم خاص كالبياضات المشتركة في تفريق البصر وفي اسم البياض والسوادات المشتركة في قبض البصر ، وفي اسم السواد وكالحرارات والبرودات ، ونحو ذلك فيتوهم أن تلك الجملة نوع واحد بخلاف الأضواء ، فإنه لا ينفرد جملة جملة منها بعارض واسم فلا يتوهم ذلك فيه ، بل ربما يتوهم كون المجموع نوعا واحدا فاللون والضوء قد وقعا في مرتبة واحدة من المبصرات ، إلا أن اللون جنس الألوان بخلاف الضوء لما فيه من التفاوت ، والضوء توهم نوعية لتقارب أنواعه بخلاف اللون ، وإنما توهم ذلك في جملة من أنواعه كالبياض مثلا (٢) لتقارب أنواع البياض ، وكالسواد لتقارب أنواع السواد وعلى هذا القياس فصار الضوء بمنزلة البياض مثلا في أنه ليس نوعا لما تحته ولا جنسا بل عارضا ، ومبنى ذلك على ما تقرر عندهم من أن القول بالتشكيك لا يكون إلا عارضا لامتناع التفاوت في الماهية وذاتياتها ، لأن الأمر الذي به يتحقق التفاوت حيث يوجد في الأشد دون الأضعف ، إن لم يكن داخلا في الماهية لم يتحقق التفاوت فيها ، بل كانت في الكل على السواء ، وإن كان داخلا فيها لم يتحقق اشتراك الأضعف فيها لانتفاء بعض الأجزاء ، مثلا الخصوصية التي توجد في نور الشمس دون القمر ، إن كانت من ذاتيات الضوء لم يكن ما في القمر ضوء ، وإلا لم يكن تفاوت النورين في نفس الماهية.
فإن قيل : لو صح هذا الدليل لزم أن لا يكون العارض أيضا مقولا
__________________
(١) لضوء الشمس آثار شافية ، وكان ذلك معروفا لقدماء المصريين ، ولقد اهملت هذه المزية الشفائية قرونا حتى أواخر القرن ١٩ حينما بدأ بعض العلماء يفطنون إليها ، وتتوقف الآثار المفيدة لضوء الشمس بصفة خاصة على ما يحتويه من الأشعة فوق البنفسجية ، ومن تلك الآثار قتل الجراثيم وتحسين الصحة العامة. ووقاية الأطفال من داء الكساح وشفاؤهم منه والمساعدة على شفاء بعض أنواع السل وبعض أمراض جلدية معينة.
(راجع الموسوعة العربية الميسرة ص ١١٤٤).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (مثلا).