للشفاف من حيث هو شفاف ، أو بأنه كيفية لا يتوقف الإبصار بها على الإبصار بشيء آخر (تعريف بالأخفى ، وكان المراد التنبيه على بعض الخواص ، والضوء إن كان من ذات المحل بأن لا يكون فائضا عليه من مقابلة جسم آخر (١) مضيء فذاتي كما للشمس ويسمى ضياء وإلا فعرضي كما للقمر ويسمى نورا أخذا من قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) أي ذات ضياء ، (وَالْقَمَرَ نُوراً) (٢) أي ذا نور.
العوضي إن كان حصوله من مقابلة المضيء لذاته (٣) كضوء جرم القمر ، وضوء وجه الأرض المقابل للشمس ، فهو الضوء الأول ، وإن كان من مقابلة النضيء لغيره كضوء وجه الأرض قبل طلوع الشمس من مقابلة الهواء المقابل للشمس ، وكضوء داخل البيت الذي في الدار من مقابلة هواء الدار المضيء من مقابلة الهواء المقابل للشمس ، أو لهواء آخر يقابلها ، فهو الضوء الثاني ، والثالث ، وهلم جرا. على اختلاف الوسائط بينه وبين المضيء بالذات ، إلى أن ينتهي الضوء بالكلية وينعدم ، وهو الظلمة ، أعني عدم الضوء عما من شأنه فهو عدم ملكة للضوء لا كيفية وجودية على ما ذهب إليه البعض ، وإلا لكان مانعا للجالس في الغار (٤) من إبصار من هو في هواء مضيء خارج الغار ، كما أنه مانع له من إبصار من هو في الغار (٥) ، وذلك للقطع بعدم الفرق في
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٢) سورة يونس آية رقم ٤.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (لذاته).
(٤) الغار والمغار : كالكهف في الجبل ، وجمع الغار : غيران وتصغيره (غوير) ، والغار : أيضا ضرب من الشجر ، والغارة : اسم من الإغارة على العدو.
(٥) يقول صاحب المواقف : شرط الرؤية ليس هو الضوء كيف كان بل الضوء المحيط بالمرئي ، ولذلك يرى الجالس الخارج المستضيء بالنار.
قال ابن الهيثم مستدلا على أن الضوء شرط لوجود اللون : إنا نرى الألوان تضعف بحسب ضعف الضوء فكلما كان الضوء اقوى كان اللون أشد وكلما كان أضعف كان أضعف فكل طبقة من الضوء شرط لطبقة من اللون.
(راجع المواقف ٤ ص ٢٤٣).