يضره التفريط ، (١) تمسك الآخرون بأنه لو تكيف بالضوء لوجب أن يحس به مضيئا كالجدار ، واللازم باطل لأن الهواء غير مرئي ، ورد بمنع الملازمة إذ من شرائط الرؤية اللون ، ولا لون للهواء الصرف.
الظل حاصل من الهواء المقابل للمضيء
(قال : وأما الظل فهو ما يحصل من الهواء المقابل للمضيء ، بالذات كالشمس والنار ، أو بالغير كالقمر ، وتفسيره بالمستفاد من المضيء بالغير ليس بمطرد ، لتناوله ما هو من مقابلة القمر).
أي الضوء الحاصل من الهواء المضيء بالذات كالشمس والنار ، أو بالغير كالقمر ، وقد يفسر بالضوء المستفاد والمضيء بالغير ، ولا خفاء في صدقه على الضوء الحاصل من مقابلة جرم القمر ، مع أنه ليس بظل وفاقا ، وما ذكر في المواقف من أن مراتب الظل تختلف قوة وضعفا بحسب اختلاف الأسباب والمعدات كما يشاهد في اختلاف ضوء البيت بحسب كبر الكوة وصغرها ، حتى إنه ينقسم إلى ما لا نهاية له انقسام الكوة ، فمبنى على ما يراه الحكماء من عدم تناهي انقسامات الأجسام والمقادير وما يتبعها ، وإن كانت محصورة بين حاصرين ، حتى إن الذارع الواحد يقبل الانقسام إلى ما لا نهاية له ، ولو بالفرض ، والوهم ، وما تقرر من أن المحصور بين حاصرين لا يكون إلا متناهيا ، فمعناه بجسب الكمية الاتصالية ، أو الانفصالية ، لا بحسب قبول الانقسام.
__________________
(١) فرط : إذا تقدم تقدما بالقصد يفرط ، ومنه الفارط إلى الماء أي المتقدم لإصلاح الدلو يقال : فارط وفرط ، ومنه قوله عليهالسلام : «أنا فرطكم على الحوض» وقيل في الولد الصغير إذا مات «اللهم اجعله لنا فرطا» وقوله تعالى : (أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) أي يتقدم. وفرس فرط يسبق الخيل ؛ والإفراط أن يسرف في التقدم ، والتفريط أن يقتصر في الفرط يقال : ما فرطت في كذا أي ما قصرت قال تعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) أي إسرافا وتضييعا.
(راجع معجم مفردات ألفاظ القرآن ص ٣٩٠ ، ٣٩١ بتصرف).