النوع الرابع
المذوقات
(قال : النوع الرابع المذوقات (١) ، وهي الطعوم ، وأصولها تسعة لأن الحار يفعل في اللطيف حرافة ، وفي الكثيف مرارة ، وفي المعتدل ملوحة ، والبارد في اللطيف حموضة ، وفي الكثيف عفوصة وفي المعتدل قبضا ، والمعتدل في اللطيف دسومة ، وفي الكثيف حلاوة ، وفي المعتدل تفاهة ، ثم يتركب منها أنواع لا تحصى).
__________________
(١) الذوق : الحاسة التي تميز بها خواص الاجسام الطعمية بواسطة الجهاز الحسي في الفم ومركزه اللسان.
والذوق : في الأدب والفن حاسة معنوية يصدر عنها انبساط النفس أو انقباضها لدى النظر في أثر من آثار العاطفة أو الفكر. (المعجم الوسيط ج ١).
والذوق : أصله فيما يقل تناوله دون ما يكثر ، فإن ما يكثر من ذلك يقال له الأكل ، واختير في القرآن لفظ الذوق للعذاب لأن ذلك وإن كان في التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير فخصه بالذكر ليعلم الأمرين وكثر استعماله في العذاب وقد جاء في الرحمة. قال تعالى : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا) ويعبر به عن الاختبار. يقال : أذقته كذا فذاق.
والذوق : مباشرة الحاسة الظاهرة أو الباطنة ولا يختص ذلك بحاسة الفم في لغة القرآن ، ولا في لغة العرب: قال تعالى : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ). وقال (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ). فجمع الذوق واللباس حتى يدل على مباشرة الذوق وشموله ، فأفاد الإخبار عن إذاقته أنه واقع مباشر غير منتظر ، فإن الخوف قد يتوقع ولا يباشر ، وأفاد الإخبار عن لباسه أنه محيط شامل كاللباس للبدن.
وفي الصحيح عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا ، فأخبر أن للإيمان طعما وأن القلب يذوقه كما يذوق الفم طعم الطعام والشراب ، والذوق عند العارفين منزلة من منازل السالكين أثبت وأرسخ من منزلة الوجد عندهم.
(راجع بصائر ذوى التمييز ج ٣ ص ٢٣ ، ٢٤).