المجردة عن المشخصات كلية ، أو أن المعلوم بها كلي ثم قال : وهذا إنما يصح على رأي من يجعل العلم والمعلوم هي الصورة الذهنية ، أو يجعل للأمور المتصورة ارتساما في غير العقل وإلا لكان للمعلوم حصول في الخارج فيكون جزئيا لا كليا ، وأنت خبير بأنه إذا أريد بالمعلوم الصورة الذهنية لم يكن بين الوجهين فرق ، ولا لقوله بها معنى.
الإدراك إما إضافة أو صفة لها
(قال : والمتكلمون لما أنكروا الوجود الذهني جعلوا الإدراك إضافة بين المدرك والمدرك، أو صفة لها إضافة إليه فورد عليهم العلم بالمعدومات والممتنعات إذ لا تعقل الإضافة إلى ما تحقق له أصلا ، ولزم القول بالصورة في الكل لما أن الإدراك معنى واحد فإن قيل : كما لا إضافة إلى العدم المحض فكذا لا صورة له.
وإن أخذت صورة لما في الذهن كان في الذهن من المعدوم أمران الصورة وذو الصورة وهو بين البطلان.
قلنا : ليس من المعدوم إلا الصورة ، ومعناها أن له وجودا غير متأصل ، وهي من حيث قيامها بالذهن علم ، ومن حيث ذاتها معلوم بخلاف الموجود ، فإن العلم ما في الذهن ، والمعلوم ما في الخارج ، وفي كلام ابن سينا أنه ليس في العقل من الممتنع صورة ، وتصوره إما على سبيل التشبيه بإن يعقل بين السواد والحلاوة أمر وهو الاجتماع ، ثم يحكم بأن مثله لا يمكن بين السواد والبياض ، أو على سبيل النفي بأن يحكم أن ليس بينهما مفهوم هو الاجتماع ، وكأنه مراد أبي هاشم حيث أثبت علما لا معلوما له).
يعني أن من لم يقل بالوجود الذهني وحصول الصورة جعل العلم إما مجرد إضافة وتعلق بين العالم (١) والمعلوم ، وإما صفة لها تلك الإضافة فالصفة العلم ، والإضافة العالمية.
__________________
(١) في (ب) العلم بدلا من (العالم).