المبحث الثالث
انقسام العلم إلى قديم وحادث
(قال : المبحث الثالث :
العلم (١) ينقسم إلى قديم وحادث ، ومراتب الحادث ثلاث ، لأنه إما بالقوة المحضة وهو الاستعداد ، فللضروري بالحواس وللنظرى بالضرورى ، وإما بالفعل إجمالا بأن يكون عنده أمر بسيط هو مبدأ التفاصيل ، أو تفصيلا بأن يلاحظ الأجزاء مفصلة ، وذلك كما إذا نظر إلى الصحيفة جملة ثم حرفا حرفا ، فالحاصل في الإجمال صورة واحدة تطابق الكل ، لا كل واحد ، وفي التفصيلي صور متعددة فيندفع ما قال الإمام أن الصورة الواحدة لا تطابق المختلفات ، والمتعددة تكون تفصيلا.
اللهم إلا أن يراد بالتفصيل حصولها مرتبة ، وبالإجمال دفعة).
إما قديم لا يسبقه العدم وهو علم الله تعالى وإما حادث (٢) سبقه العدم فهو
__________________
(١) العلم : هو الإدراك مطلقا تصورا كان أو تصديقا ؛ يقينا كان أو غير يقيني ، وقد يطلق على التعقل ، أو على حصول صورة الشيء في الذهن ، أو على إدراك الكلي مفهوما كان أو حكما أو على الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ، أو على إدراك الشيء على ما هو به ، أو على إدراك حقائق الأشياء وعللها ، أو على إدراك المسائل على دليل ، أو على المكانة الحاصلة عن إدراك المسائل.
(راجع المعجم الفلسفي ج ٢ ص ١٠١ وما بعدها).
(٢) الحادث : هو الواقع ، وحدث أمر أي وقع. والحادث عند فلاسفة العرب هو ما يكون مسبوقا بالعدم ، ويسمى حادثا زمانيا ، وفرقوا بين الحدوث الزماني ، والحدوث الذاتي ، فقالوا : ـ