لعله (١) أراد بالعلم ما هو أحد أقسام التصديق على ما اشتهر فيما بين المتكلمين ، أو ادعى أن حقيقة الكل هى الصفة الموجبة للتميز على ما سبق ، أو أراد أن التصورات متماثلة ، وكذا التصديقات ، فيجوز على الضروري من كل منهما أن ينقلب إلى النظري منه.
والجواب بعد تسليم التجانس أنه إن أريد بالجواز عدم الامتناع أصلا فمجرد التجانس لا يقتضيه لجواز أن يمتنع بواسطة العوارض والخصوصيات على البعض ما يجوز للبعض الآخر.
وإن أريد عدم الامتناع نظرا إلى ماهية العلم فغير متنازع وما ذكر الآمدي من أنه لو سلم التجانس فلا شك فى الاختلاف بالنوع والشخص ، فلعل التنوع أو التشخص يمنع ذلك مبني على أنه فهم من التجانس الاشتراك فى الجنس على ما هو مصطلح الفلاسفة ، ولا أدري كيف ذهب عليه مصطلح المتكلمين ، وأن مثل القاضي لا يجعل الاشتراك فى الجنس دليلا على أن يجوز على كل من المشتركين ما يجوز على الآخر ، والجمهور على أن الضروري لا يجوز أن ينقلب نظريا وإلا لزم جواز خلو نفس المخلوق عنه مع التوجه والالتفات وسائر شرائط حصول الضروريات لأن ذلك من لوازم النظريات وعلى هذا لا يرد الاعتراض بأن الضروري قد لا يحصل لفقد شرط أو استعداد إلا أنهم عولوا فى استحالة الخلو عن الضروري على الوجدان وفيه ضعف لأن غايته الدلالة على عدم الخلو دون استحالته ، سلمنا لكن لا خفاء فى (٢) أن الخلو عن الضروري إنما يمتنع ما دام ضروريا ، وبعد الانقلاب لا يبقى هذا الوصف.
وذهب إمام الحرمين وهو أحد قولي القاضي إلى أنه لا يجوز فى ضرورى هو شرط لكمال العقل الّذي به يستأصل (٣) لاكتساب النظريات لأنه لو انقلب نظريا لزم كونه شرطا لنفسه ، وهو دور.
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (لعله).
(٢) فى (أ) بزيادة حرف الجر (في).
(٣) في (ب) يتأهل بدلا من (يستأصل)