المبحث السادس
محل العلم هو القلب
(قال : المبحث السادس :
محل العلم هو القلب (١) بدليل السمع ، وإن جاز أن يخلقه الله تعالى فى أى جوهر شاء ، إلا أن الظاهر أن ليس المراد بالقلب هو ذلك العضو ، وعند الفلاسفة هو النفس الناطقة ، إلا انه فى الجزئيات يتوسط الآلات ، وسيجيء لهذا زيادة بيان).
قد دلت الأدلة السمعية من الكتاب والسنة على أن محل العلم الحادث هو القلب ، وإن لم يتعين هو لذلك عقلا ، بل يجوز أن يخلقه الله تعالى فى أى جوهر شاء ، لكن الظاهر من كلام كثير من المحققين أن ليس المراد بالقلب ذلك العضو المخصوص الموجود لجميع الحيوانات ، بل الروح (٢) الّذي به امتياز الإنسان.
__________________
(١) القلب : الفؤاد وقد يعبر به عن العقل ، وقال الفراء القلب العقل. وقيل القلب أخص من الفؤاد ومنه الحديث «أتاكم أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة» وقد ورد القلب في القرآن على ثلاثة معان.
الأول : بمعنى العقل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) الثاني : بمعنى الرأي والتدبير (قُلُوبُهُمْشَتَّى) أي آراؤهم مختلفة ، الثالث : بمعنى حقيقة القلب الذي في الصدر (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). سورة الحج آية رقم ٤٦.
(٢) الروح : اسما للنفس ، وذلك لكون للنفس بعض الروح. فهو كتسمية النوع باسم الجنس. نحو تسمية الإنسان بالحيوان ، والروح في القرآن على سبعة أوجه : الأول بمعنى الرحمة (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) أى رحمة ، والثاني بمعنى الملك (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) الثالث : ـ