لا خفاء في جواز بعض الأفعال عن النائم ، وامتناع الأكثر ، واختلفوا فيما يصدر.
فذهب المعتزلة وبعض أصحابنا إلى أنه مقدور له ، وأن النوم لا يضاد القدرة ، ونفاه الأستاذ أبو اسحاق ذهابا إلى التضاد كالعلم والإدراك.
وتوقف القاضي وبعض الأصحاب ، وللمعتزلة في القدرة تفريعات وتفاصيل لا نطول الكتاب بذكرها.
(قال : ويضادها الخلق من جهة أنه ملكة تصدر بها الأفعال عن النفس بسهولة ، ومن غير روية ، وان نسبته إلى الطرفين لا تكون على السوية).
يريد أن من الكيفيات النفسانية الخلق ، وفسر بملكة تصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير تقدم فكر وروية ، فغير الراسخ من صفات النفس لا يكون خلقا كغضب الحليم ، وكذا الراسخ الذي يكون مبدأ لأفعال الجوارح بسهولة كملكة الكتابة أو يكون نسبته إلى الفعل والترك على السواء كالقدرة ، أو يفتقر في صدور الفعل عنه إلى فكر وروية كالبخيل إذا حاول الكرم ، وكالكريم إذا قصد بالعطاء الشهرة ، ولكن كانت القدرة تصدر عنها الفعل لا بسهولة واستغناء عن روية ، وكانت نسبتها إلى طرفي الفعل والترك على السوية حكم بأنها تضاد الخلق مضادة مشهورة.
وهذا ما قال في التجريد (١) أن القدرة تضاد الخلق لتضاد أحكامها.
(قال : ومنها : اللذة (٢) والألم وهما بديهيان ، وقد يفسران بإدراك
__________________
(١) كتاب تجريد الكلام. للعلامة المحقق نصير الدين أبي جعفر محمد بن محمد الطوسي المتوفى سنة ٦٧٢ ه.
أول الكتاب : أما بعد حمد واجب الوجود الخ قال : فإني مجيب إلى ما سألت من تحرير مسائل الكلام وترتبها على أبلغ نظام وسميته تجريد العقائد وهو على ستة مقاصد. والكتاب له شروح كثيرة.
(راجع كشف الظنون ج ١ ص ٢٤٦ وما بعدها).
(٢) اللذة مقابلة للألم ، وهما بديهيان ، أي من الكيفيات النفسانية الأولية فلا يعرفان بل تذكر خواصهما وشروطهما وأسبابهما.