أو الوضع أو عدم التركيب ، (١) فإنه اختصار مخل ، والعذر بأنه لم يقيد بباقي المحتملات لظهور بطلانها ظاهر البطلان ، لأن قولنا : سوء التركيب إما مقدار يخل بالأفعال ، أو عدد أو وضع أو انسداد مجرى كذلك ليس بيانا للمحتملات ، بل للانقسام فليفهم ، وتقرير الجواب بعد تسليم كون التضاد حقيقيا أن تقسيم المرض إلى سوء المزاج ، وسوء التركيب وتفرق الاتصال تسامح ، والمقصود أنه كيفية نفسانية تحصل عند هذه الأمور وتنقسم باعتبارها ، وهذا ما قيل إنها منوعات أطلق عليها اسم الأنواع ، وذلك كما يطلق الصحة على اعتدال المزاج ، أو المزاج المعتدل أنه من المحسوسات.
الواسطة بين الصحة والمرض
(قال : (ثم المعتبر) في المرض إن كان عدم سلامة جميع الأفعال لم يثبت الواسطة وإن كان آفة الجميع يثبت).
قد اختلفوا في ثبوت الواسطة (٢) بين الصحة والمرض ، وليس الخلاف في ثبوت حالة ، وصفة لا يصدق عليها الصحة ولا المرض كالعلم والقدرة والحياة إلى غير ذلك ، مما لا يحصى بل في ثبوت حالة لا يصدق معها على البدن أنه صحيح أو مريض ، بل يصدق عليه أنه ليس بصحيح ولا مريض فأثبتها جالينوس (٣) كما للناقهين والمشايخ والأطفال ، ومن ببعض أعضائه آفة
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (التركيب).
(٢) الواسطة : عند الأصوليين قسمان : الواسطة في الثبوت ، وهي أن يكون الشيء واسطة أي علة لثبوت وصف لشيء آخر في نفس الأمر.
الواسطة في الإثبات وهي ما يقرن بقولنا : (لأن) حين يقال : لأنه كذا فذلك الشيء الذي يقرن بقولنا : (لأنه) هو الواسطة في الإثبات مثل قولنا : العالم حادث لأنه متغير ، فالمتغير هو الواسطة.
(٣) جالينوس : هو أشهر الأطباء اليونانيين القدماء بعد أبقراط. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل. كان جالينوس من الحكماء اليونانيين الذين كانوا في الدولة القيصرية بعد بنيان رومية ، ومولده ومنشؤه (بغرغامس) وهي مدينة صغيرة من جملة مدائن آسيا شرقي قسطنطينية ، وكان جالينوس في دولة نيرون قيصر ، وهو السادس من القياصرة الذين ملكوا رومية. وطاف جالينوس البلاد وغزا مع ملك رومية لتدبير الجرحى وكانت له مجالس عامة خطب فيها وأظهر من عمله بالتشريح ما عرف به فضله وبان عمله. من كتبه (الكيموس) و (علاج التشريح).