ويشترطوا شروطا ما بهم إليها حاجة ، وذلك مثل اشتراط سلامة جميع الأفعال (١) لتخرج صحة من يصدر عنه بعض الأفعال سليما دون البعض ومن كل عضو ، ولتخرج صحة من بعض أعضائه صحيح دون البعض ، وفي كل وقت لتخرج صحة من يصح شتاء ، ويمرض صيفا ، ومن غير استعداد قريب لزوالها لتخرج صحة المشايخ والأطفال والناقهين.
الكيفيات النابعة من انفعالات النفس
(قال : (ومنها الفرح)
والغم (٢) والغضب والخوف والحزن والهم ونحو ذلك ، ولا بحث فيها.
قد تعرض للنفس كيفيات نابعة لانفعالات تحدث فيها لم يرتسم في بعض قواها من النافع والضار كالفرح ، وهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح إلى خارج البدن ، طلبا للوصول إلى الملذ ، والغم وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل خوفا من مؤذ واقع ، والغضب وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الخارج طلبا للانتقام ، والفزع وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل هربا من المؤذي واقعا كان أو متخيلا ، والحزن وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل قليلا قليلا ، والهم وهو ما يتبعها حركة الروح إلى الداخل والخارج لحدوث أمر يتصور منه يقع أو شر ينتظر ، فهو مركب من جاء وخوف (٣) فأيهما غلب
__________________
(١) عبارة ابن سينا في هذا الصدد : أن الصحة هي هيئة يكون بها بدن الإنسان في مزاجه وتركيبه بحيث تصدر عنه الأفعال كلها صحيحة سليمة (ج ١ ص ٧٤).
(٢) الغم : الكرب ، والجمع : غموم ومن دعائه (صلىاللهعليهوسلم) «يا فارج الهم ويا كاشف الغم» وقد ورد في القرآن على وجوه : الأول : غم الصحابة (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ). الثاني : المدال من ذلك الغم بالأمن (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً). الثالث : تطبيب قلوبهم وتفريحهم بزوال الغم (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) الرابع : غم أهل النار وذلك الذي ما بعده غم (أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها).
(راجع بصائر ذوي التمييز ج ٤ ص ١٤).
(٣) الخوف : توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة ، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة ـ