في السكون أن يكون عبارة من مجرد الحصول في الحيز من غير اعتبار قيد يميزه عن أجزاء الحركة ، اللهم إلا أن يبني ذلك على أن الكون الأول في الحيز الثاني ، يمثل الكون الثاني فيه، وهو سكون وفاقا ، فكذا الأول ، ويكون هذا إلزاما لمن يقال بتماثل الحصول الأول والثاني في الحيز الأول ، فكذا في الحيز الثاني ، فالتزم القاضي ذلك ، وذهب إلى أن الكون الأول في الحيز الثاني ، وهو الدخول فيه سكون ، وبنى على ذلك أن كل حركة سكون من حيث إنها دخول في حيز وليس كل سكون حركة ، كالكون الثاني. فإن قيل : الحركة ضد السكون فكيف تكون نفسه أو مركبة منه.
أجيب : بأن التضاد ليس بين الحركة والسكون مطلقا بل بين الحركة من الحيز والسكون فيه ، وأما بين الحركة إلى الحيز (١) والسكون فيه فلا تغاير فضلا عن التضاد لأنها عبارة عن الكون الأول فيه وهو تماثل الكون (٢) السكون الثاني الذي هو سكون بالاتفاق.
واعترض الآمدي (٣) بمنع الحصولين واشتراكهما في كون كل منهما موجبا للاختصاص بذلك الحيز لا يوجب التماثل لأنا لا نسلم أنه أخص صفاتهما النفسية. كيف والحصول الأول في الحيز الثاني حركة وفاقا ، لكونه خروجا من الحيز الأول ، فلو كان مماثلا للحصول الثاني فيه لزم أن يكون هو أيضا حركة ، ولا قائل به.
فإن أجيب بأن عدم المسبوقية بالحصول في ذلك الحيز معتبر في الحركة فيصدق على الحصول الأول دون الثاني.
قلنا : فكذا عدم الاتصال بالحصول في حيز آخر معتبر في السكون فيصدق على الحصول الثاني دون الأول ، وحاصلة أن الكلام إلزام لمن يقول بتماثل الحصولين ، وبإن كون الثاني سكونا يستلزم كون الأول كذلك ، وذكر
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (إلى الحيز).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (الكون).
(٣) عبارة الآمدي : «هذا إشكال مشكل ولعل عند غيري جوابه». ثم قال : «ذلك الاشتراك لا يوجب التماثل لأن المتخالفين قد يشتركان في بعض الصفات».