للمتحرك حصولات على الاستمرار دون الاستقرار
(قال (والتحقيق)
إن للمتحرك بين طرفي المسافة حصولات على الاستمرار دون الاستقرار ، فإن أريد بالحركة ما هو المحقق منها ، فهي الحصول بعد الحصول في حيز آخر ، وإن أريد الموهوم الممتد من المبدأ إلى المنتهى ، فهو الحصولات المتعاقبة في الأحياز المتتالية ، ثم إن جعل السكون اسما للحصول من غير اشتراط لبث ، فالحركة سكون (١) أو مجموع سكنات ، وإن اشترط فلا. وحينئذ فالسكون هو الحصول الثاني ، أو مجموع الحصولين فيه تردد ، ثم الحق أن حقيقة السكون في الأربعة واحد وإنما التمايز بالحيثيات حتى أن الواحد بالشخص ربما يكون اجتماعا وافتراقا وحركة وسكونا باعتبارات مختلفة ، ومن أطلق القول بتضاد الأكوان ، أراد أن الأكوان المتميزة في الوجود يمتنع اجتماعها لأن الكونين يوجبان تخصيص الجوهر بحيز واحد فيتماثلان ، وبحيزين فيتضادان ضرورة امتناع حصول الجوهر في آن واحد في حيزين ، وأيا ما كان فلا يجتمعان ، ومبنى ذلك على أن المماسة ليست من الأكوان وإلا فلا خفاء في اجتماعها كما في الجوهر المحفوف بستة جواهر ، فإن منعه على ما نقل عن البعض مكابرة).
سيجيء في طريق الفلاسفة أنه قد يراد بالحركة كون المتحرك متوسطا بين المبدأ أو المنتهى بحيث تكون حاله في كل آن على خلاف ما قبله وما بعده ، وقد يراد بها الأمر الموهوم الممتد من المبدأ إلى المنتهى ، والمتكلمون بالنظر إلى الأول قالوا إنها الحصول في الحيز بعد الحصول في حيز آخر ، والناظر إلى الثاني إنها حصولات متعاقبة في أحياز متلاصقة ، ويسمى بالإضافة إلى الحيز السابق خروجا ، وإلى اللاحق دخولا ، ثم منهم من سمى مثل (٢) هذا الحصول سكونا من غير أن يعتبر في مسماه اللبث ، والحصول بعد
__________________
(١) في (أ) فالحكوت وهو تحريف.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (مثل).