الثاني : حال الجسم المستقر المتبدل محاذياته بواسطة حركة بعض ما يحيط به من الأجسام كالحجر المستقر على الأرض في الماء الجاري ، وكالطير الواقف في الجو عند هبوب الرياح ، والحق أن الأول حركة ، الثاني سكون بشهادة العقل والعرف.
وقد يستدل على الأول بأنه لو كان ساكنا مع حركة باقي الأجزاء لزم الانفكاك أي انفصال بعض الأجزاء عن البعض ، وبأن الأجزاء الباطنة في الأجزاء الظاهرة ، وهي في الحيّز فتكون الباطنة أيضا فيه ، وقد انتقل منه إلى آخر ، وعلى الثاني بأنه لو كان متحركا لزم التحرك في حالة واحدة إلى جهتين مختلفتين عند اختلاف جهات حركات الأجسام المحيطة(١) به عليه ، بأن يتحرك البعض عليه آخذا من يمنته إلى يسرته والبعض بالعكس والكل ضعيف.
احتج المخالف في الأول بأن الجزء الباطن لم يفارق حيزه الذي هو الأجزاء المحيطة به ولا حركة بدون مفارقة الحيز وأجيب بأن حيز الكل حيزه ، وقد فارقته ، وفي الثاني بأنه حصل في حيز هو ما يحيط به من الجواهر بعد الحصول في حيز آخر ، ولا معنى للحركة سوى هذا وبأنه قد تبدلت عليه محاذياته وهو نفس الحركة أو ملزومها.
وأجيب : بأن حيزه البعد المفطور وهو بعد حاصل فيه ، ولو سلم فالحصول في الحيز الثاني إنما يكون حركة إذا كان بزواله عن الأول دون العكس ، وبأن تبدل المحاذيات إنما يستلزم الحركة إذا كان من جهة المتحيز بأن يزول من محاذاة إلى محاذاة ، فظهر أن الخلاف في الأول عائد إلى الخلاف في حيز الجزء الباطن إنه حيز الكل ، أعني البعد المشغول به أو الجواهر المحيطة به أم ماله خاصة من البعد أو الأجزاء المحيطة به (٢).
وفي الثاني إلى الخلاف في أن الحيز هو البعد المفطور الذي لا يفارقه المستقر بتحرك الجواهر المحيطة ، وتبدل المحاذيات بذلك أم الجواهر
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (به).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (به).