فإن قيل (١) : تغاير مثل الأب والابن (٢) ، والعلة والمعلول ضروري (٣).
قلنا : نعم بحسب الذات (٤)).
فإنه لا يتصور إلا بين متعدد ، وإنما الخلاف في عكسه. وهو أن التعدد هل يستلزم التغاير ، فعند المتقدمين من أهل السنة لا. ولذا قالوا الغيران موجودان جاز انفكاكهما ، فخرج المعدومان ، وكذا المعدوم والموجود ، ومبناه على أن التغاير عندهم وجودي ، كالاختلاف والتضاد ، فلا يتصف به المعدوم ، وأما التعليل بأنه لا تمايز بين الإعدام ، فيخص المعدومين ، وخرج الجزء مع الكل ، وكذا الموصوف مع الصفة لامتناعه الانفكاك ، ودخل الجسمان ، وإن فرضنا كونهما قديمين لأنهما ينفكان بأن يوجد هذا في حيز لا يوجد فيه الآخر ، وكذا الصفة المفارقة مع موصوفها سواء كان قديما أو حادثا ، لأنهما ينفكان ، بأن يوجد الموصوف ، وتنعدم الصفة ، فجواز الانفكاك أعم من أن يكون بحسب التحيز أو بحسب الوجود والعدم ، فلا حاجة إلى التقييد بقولنا في حيز أو عدم على ما ذكره الشيخ ، وهذا التقرير مشعر بأنه يكفي في التغاير الانفكاك من جانب ، وأن الصفة التي ليست عين الموصوف ، ولا غيره هي الصفة اللازمة النفسية ، وقيل بل الصفة القديمة. كعلم الصانع وقدرته بخلاف مثل سواد الجسم وبياضه ، إلا أن عمدتهم الوثقى في التمسك وهو أن قولنا : ليس في الدار غير زيد ، وليس في يدي غير عشرة دراهم كلام صحيح لغة وعرفا ، مع أن في الدار أعضاء زيد وصفاته ، وفي اليد آحاد العشرة ، وأوصاف الدراهم ، لا تفرق بين الصفات المفارقة واللازمة ، ويقتضي أن لا يكون ثياب زيد ، بل سائر ما في الدار من الأمتعة غير زيد ، وفساده بين وكيف يخفى على أحد أن المراد
__________________
(١) فإن قيل. كون المضافين ليسا غيرين أي وجه قدرا مما لا يعقل.
(٢) والفاعل والمفعول مما يدرك فيه عدم اجتماعهما لتنافيهما.
(٣) فكيف يدعي خروج نحو ذلك عن حكم التغاير.
(٤) لصحة انفكاك ذات الابن عن ذات الأب في تعقلي الوجود لإحداهما دون الأخرى وكذا ذات العلة والمعلول.