للمتحرك ، إنما هو في الوصول الذي له بالقوة فتخرج كمالاته التي ليست كذلك ، كالمربعية مثلا ، والمقصود تلخيص المعنى المسمى بالحركة على الإطلاق ، وتحقيقه لا تمييزه ، (١) وتصويره عند العقل ، فلا يضيره كون المعرف أخفى ، وكون الكمالين. أعني التوجه والوصول في الحركة المستديرة بمجرد الفرض والاعتبار نظرا إلى أن حال الجسم بالنسبة إلى كل نقطة من حيث طلبها توجه ، ومن حيث الحصول عندها وصول).
والمبحث الأول منه غني عن الشرح ، وأما الثاني فبيانه أن بعض الفلاسفة فسر الحركة بالخروج من القوة إلى الفعل على التدريج أو يسيرا يسيرا أو لا دفعة ، وبنى ذلك (٢) على أن معنى هذه الألفاظ واضح عند العقل من غير احتياج إلى تصور الزمان المفتقر إلى تصور الحركة ، ونظر بعضهم إلى أن معنى التدريج أن لا يكون دفعة ، ومعنى الحصول دفعة أن يكون في آن وهو طرف الزمان ، وهو مقدار الحركة فيكون التعريف دوريا. ففسرها بأنها كمال أول لما هو بالقوة من حيث هو بالقوة والمراد بالكمال هاهنا حصول ما لم يكن حاصلا ، ولا خفاء في أن الحركة أمر ممكن الحصول للجسم ، فيكون حصولها كمالا ، واحترز بقيد الأولية عن الوصول فإن الجسم إذا كان في مكان وهو ممكن الحصول في مكان آخر كان له إمكانان ، إمكان الحصول في ذلك المكان ، وإمكان التوجه إليه وهما كمالان فالتوجه مقدم على الأصول فهو كمال أول ، والوصول كمال ثان. ثم إن الحركة تفارق سائر الكمالات من حيث إنها لا حقيقة لها إلا التأدي إلى الغير ، والسلوك إليه ، فلا بد من مطلوب ممكن الحصول ، ليكون التوجه توجها إليه ، ومن أن يبقى من ذلك التوجه ما دام موجودا شيء بالقوة ، إذ لا توجه بعد الوصول ، فحقيقة الحركة متعلقة بأن يبقى منها شيء بالقوة ، وبأن لا يكون المتأدى إليه حاصلا بالفعل ، فتكون الحركة بالفعل كمالا للجسم المتحرك الذي هو بالقوة من جهة التأدى إلى المقصود الذي هو الحصول في المكان المطلوب فيكون كمالا أول لما بالقوة ،
__________________
(١) في (ب) لا غير بدلا من (لا تمييزه).
(٢) سقط من (ب) لفظ (ذلك).