بمنزلة التابع لكونها واقعة فيه مقدرة به. أما المبدأ والمنتهى (١) فلكل منهما ذات وعارض. أعني وصف كونه مبدأ ومنتهى ، والعارضان قد يعتبران بالقياس إلى الحركة وهو قياس تضايف، لأن المبدأ مبدأ لذى المبدأ وبالعكس ، وكذا المنتهى ، وقد يعتبر كل منهما بالقياس إلى الآخر فيتضادان إذ لا خفاء في مقابلهما ، وليس من عقل الشيء مبدأ عقل له منتهى ولا بالعكس ، وليس أحدهما عاما للآخر ، فلم يبق إلا التضاد ، والمعروضان يتضادان باعتبار هذا العارض سواء كانا متحدين بالذات كما في الحركة المستديرة ، إذ كل نقطة تفرض من مسافتها فهي مبدأ ومنتهى باعتبارين ، وبحسب آنين أو متغايرين متضادين بالذات كما في الحركة من البياض إلى السواد ، وكما في الحركة من غاية الذبول إلى غاية النمو ، أو باعتبار عارض آخر كما في الحركة من المركز إلى المحيط المتضادين من جهة كون الأول غاية البعد عن الفلك والثاني غاية القرب منه أو غير متضادين بوجه آخر كما في الحركة من نقطة من المسافة إلى نقطة أخرى.
(قال : وأما المقولة (٢) :
__________________
(١) المبدأ : اسم ظرف من البدء ، وجمعه مبادي ، ويطلق على السبب ماديا كان ، أو صوريا أو غائيا ، ومبدأ الشيء أوله ومادته التي يتكون منها ، فالنواة مبدأ النخل والحروف مبادي الكلام ، والمبادي هي الحدود والمقدمات التي منها تؤلف قياساته (ابن سينا الاشارات ٨٢).
وهي التي تتوقف عليها مسائل العلم ولا تحتاج إلى البرهان القاطع (تعريفات الجرجاني).
وللمبدإ عند الفلاسفة عدة معان.
الأول : هو المبدأ الزماني تقول : في البدء كان الكلمة (انجيل يوحنا الاصحاح الأول) (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) سورة ٣٠ آية ٢٧.
والثاني هو المعنى الوجودي ويطلق على العناصر التي تتألف منها الأشياء قال ابن سينا :
والمبدأ يقال لكل ما يكون قد استتم له وجوده في نفسه إما عن ذاته ، وإما عن غيره ثم يحصل عنه وجود شيء آخر ويقوم به.
(راجع النجاة ص ٣٤٣ : ٣٤٤).
(٢) المقولة : هي المحمول ، ووجه اطلاقها على المحمول كون المحمول في القضية مقولا على الموضوع وجمعها مقولات ، وهي الأجناس العالية التي تحيط بجميع الموجودات أو المحمولات الأساسية التي يمكن اسنادها إلى كل موضوع وعددها عند أرسطو عشرة. وهي :
١ ـ الجوهر. ٢ ـ الاضافة. ٣ ـ الكم. ٤ ـ الكيف. ٥ ـ المكان (اين). ٦ ـ الزمان متى. ٧ ـ الوضع. ٨ ـ الملك. ٩ ـ الفعل. ١٠ ـ الانفعال. والمقولات عند كانت هي التصورات الكلية الأساسية التي يتضمنها العقل المحض.