نفسها ليس إلا تبدل نسبة الأجزاء المفروضة ، وإذا لم يكن ثبوت الحكم لكل جزء مستلزما ثبوته للكل فلا نسلم أن للفلك أو الكرة حركة وتبدل (١) من وضع.
قلنا : هو ضروري فإنه لا معنى لوضع الكل إلا هيئة نسبة أجزائه بعضها إلى البعض وإلى الأمور الخارجية ، ولا معنى لحركته في الوضع إلا تبدل ذلك على التدريج هذا. لكن يؤول على أن الحركة الأينية للأجزاء الفرضية حركة وضعية بالإضافة إلى الكل.
(قال : الثالثة الكم (٢) :
والانتقال فيه إما من النقصان إلى الزيادة لورود مادته وهو النمو أو بدونه وهو التخلخل ، وإما بالعكس بانفصال مادته وهو الذبول أو بدونه وهو التكاثف).
الحركة في الكم تقع باعتبارين أحدهما النمو والذبول ، وثانيهما التخلخل والتكاثف ويقال في بيان ذلك أن الانتقال في الكم (٣) إما أن يكون من النقصان إلى الزيادة أو من الزيادة إلى النقصان ، والأول إما أن يكون بورود مادته تزيد في كمية الجسم وهو النمو أو بدونه وهو التخلخل كما في هواء باطن القارورة عند مصها ، والثاني إما أن يكون بنقصان جزء وهو الذبول كما في المدقوق أو بدونه وهو التكاثف كما في هواء باطن القارورة عند النفخ فيها ، ويتمسكون في إمكان التخلخل والتكاثف بأن الجسم مركب من الهيولي والصورة. والهيولي لا مقدار لها في نفسها وإنما هي قابلة للمقادير المختلفة بحسب ما سبق (٤) من الأسباب المعدة فيجوز أن ينتقل من المقدار الصغير إلى الكبير وهو التخلخل وبالعكس وهو التكاثف. وإنما بنوا ذلك على الهيولي لأنها عندهم محض تحايل يتوارد عليه الصور والمقادير المختلفة من غير أن يقتضي معينا من ذلك ، بخلاف ما ذا جعل الجسم بسيطا واحدا متصلا
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (تبدل).
(٢) الكم في الرياضيات هو المقدار ، وهو ما يقبل القياس ، والكم في علم ما بعد الطبيعة مقابل الكيف وهو من مقولات العقل الأساسية.
(٣) في (أ) الحكم بدلا من (الكم).
(٤) في (ب) يتفق بدلا من (ما سبق).