في نفسه كما هو عند الحس (١) ، فإنه ربما يختص كل جسم بمقدار معين لا ينقل عنه ، وبهذا يندفع ما ذكره الإمام من أنه لا حاجة في ذلك إلى إثبات الهيولى بل يأتي على رأي من يجعل المقدار زائدا على الجسم عرضا قائما به سواء كان هو بسيطا أو مركبا من الهيولى والصورة لأن نسبته إلى جميع المقادير على السوية كالهيولى ولأنه إذا كان بسيطا كان الجزء والكل متساويين في الطبيعة ، والحقيقة فجاز اتصاف كل منهما بمقدار الآخر ما لم يمنع مانع ، وانتقال الجزء إلى مقدار الكل تخلخل وعكسه تكاثف. نعم لا بد في ذلك من أن يصير الجزء منفصلا إذ مع كونه جزءا يمتنع أن يكون على مقدار الكل ضرورة (٢). وأما الاعتراض بأنه لو جاز ذلك لجاز أن تصير القطرة (٣) على مقدار البحر وبالعكس.
فجوابه بعد تسليم استحالة ذلك أن انتقال الجسم عن مقداره يكون لا محالة بقاسر فجاز أن يكون للقسر حد معين لا يمكن تجاوزه ، كما جاز على القول بالهيولى أن يكون لكل مادة خط من المقدار لا يتجاوزه.
وبالجملة فالمقصود بيان إمكان التخلخل والتكاثف ، وهو لا ينافي الامتناع في بعض الصور لمانع على أن اشتراط الانفصال في إمكان انتقال الجزء إلى مقدار الكل محل نظر دقيق.
وقد يستدل على الوقوع بأن الماء إذا انجمد يصغر مقداره وهو تكاثف والجمد إذا ذاب يعظم مقداره ، وهو تخلخل ، وبأن القارورة إذا مصت خرج منها هواء كثير ، فلو لم يتخلخل الباقي لزم الخلاء ، وإذا نفخت فيها دخلها هواء كثير ، فلو لم يتكاثف لزم التداخل، أعني اشتغال حيز واحد بجسمين وهو ضروري الاستحالة.
قال : وقد يقال :
__________________
(١) في (أ) الحسن بدلا من (الحس).
(٢) في (ب) صورة بدلا من (ضرورة).
(٣) في (أ) الفطرة بدلا من (القطرة).