وجواب الآمدي ؛ أنه وإن امتنع ذلك لكن (١) لا يمتنع انفكاك العالم عنه لجواز تحيزه وعدمه دون الباري تعالى.
ورده أنه لا يكفي هذا القدر ، وإلا لزم تغاير الجزء والكل وكذا الموصوف والصفة لجواز أن ينعدم الكل دون الجزء ، والصفة دون الموصوف ، ولا يتأتى الجواب. بأن المراد جواز الانفكاك تعقلا ، ما لم يحذف قيد في حيز أو عدم لأن الباري تعالى ، لا ينفك عن العالم في حيز أو عدم بحسب التعقل أيضا ، لامتناع تحيزه وعدمه. اللهمّ إلا أن يؤخذ التعقل أعم من المطابق وغيره ، وحينئذ يلزم تغاير الذات والصفة لجواز أن يعقل عدم كل بدون الآخر ، فما ذكر في المواقف من أنه يرد الباري مع العالم لامتناع انفكاك العالم عن الباري تعالى :
لا يقال : يجوز انفكاك الباري عن العالم في الوجود ، والعالم عن الباري تعالى في الحيز. لأنا نقول : لو كفى الانفكاك من طرف ، لجاز انفكاك الموصوف عن الصفة ، والجزء عن الكل ، في الوجود ، فقيل المراد جواز الانفكاك تعقلا ومنهم من صرح به (٢) ، ولا يمتنع تعقل العالم بدون الباري تعالى. ليس على ما ينبغي ، ثم هاهنا (٣) : بحث آخر ، وهو أن جواز انفكاك الموصوف عن الصفة في الوجود ، دائما (٤) إنما يصح في الأوصاف المفارقة كالبياض مثلا ، وفي كلامهم ما يشعر بأن النزاع إنما هو في الصفة اللازمة :
الغيرية نقيض الهوية
(قال : الجمهور (٥) على أن الغيرية نقيض الهوية (٦) هو فلا يعقل كون
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (لكن).
(٢) سقط من (ب) قوله (ومنهم من صرح به).
(٣) في (أ) و (ج) بزيادة لفظ (هاهنا).
(٤) سقط من (أ) لفظ (دائما).
(٥) على خلاف ما تقدم.
(٦) بمعنى أنه إذا نظر فيما يتوهم فيه كونه شيئين في بادئ الرأي فإن تحقق في ذينك المنظور فيهما أن أحدهما هو نفس الآخر وهو معنى قولهم هو هو فلا مغايرة ولا تعدد ، وإن تحقق أن أحدهما ليس نفس الآخر فهو هو فلا غيرية بينهما بذات الاعتبار.