لا خفاء في أن اختلاف أحوال الحركة إنما يكون لاختلاف متعلقاتها ، فتضاد الحركة ليس لتضاد المتحرك لأنه جسم ، ولا تضاد فيه بالذات ، ولو اعتبرنا التضاد بالعرض فقد يكون متضادا مع تماثل الحركتين كحركة الحار والبارد مثل النار والماء إلى العلو وقد يكون واحدا مع تضاد الحركتين كحركة جسم من العلو إلى السفل وبالعكس أو من البياض إلى السواد وبالعكس ، أو من غاية نموه إلى ذبوله ، وبالعكس ، أو من انتصابه إلى انتكاسه وبالعكس ، ولا لتضاد المحرك لتماثلها مع تضاد المحركتين كما في الحركة الصاعدة للحجر والنار بالقوة القسرية والطبيعية المتضادتين ، وتضادها مع اتحاد المحرك كما في حركة الجسم صعودا وهبوطا بالإرادة أو بالقسر ، ولا لتضاد الزمان لأنه ليس فيه اختلاف ماهية فضلا عن التضاد ، ولو فرض فتضاد العوارض لا يوجب تضاد المعروضات ، ولا لتضاد ما فيه لأن الصعود والهبوط متضادان مع اتحاد ما فيه ، وكذا التسود والتبيض عند اتحاد الطريق فتعين أن يكون تضاد الحركة لتضاد ما منه وما إليه ، وتضادهما قد يكون بالذات كما في الحركة من السواد إلى البياض وبالعكس ومن غاية النمو الذي في طبيعة الجسم إلى غاية الذبول وبالعكس ، ومن الانتصاب إلى الانتكاس وبالعكس. وما يقال إنه لا تضاد في الحركة الوضعية فمختص بالمستديرة وقد يكون بالعرض كما في الحركة الصاعدة مع الهابطة بحسب ما بين مبدئهما من التضاد بعارض كون أحدهما في غاية القرب من المركز والبعد من المحيط والآخر بالعكس ، وكذا المنتهى.
فإن قيل : قد ذكروا أن تضاد العارض لا يوجب تضاد المعروض فكيف أوجب تضاد عارض بعض ما يتعلق به الحركة تضاد الحركة مع أن هذا أبعد ..؟
قلنا : مرادهم أن ذلك بمجرده وعلى إطلاقه لا يوجب تضاد المعروض ، وأما إذا كان بخصوصه بحيث يوجب صدق حد الضدين على المعروض ، أو على ما يتعلق به فلا استبعاد ، وهاهنا قد صدق بتضاد الطرفين حد الضدين على