وقد يكون السبب في بطئها نفس الإرادة كما في رمي الحجر وتحريك اليد برفق ، ولا خفاء في سببية هذه الأمور في الجملة. لكن عند الفلاسفة من جهة أنها تصير سببا لضعف الميل الذي هو العلة القريبة للحركة ، فيضعف المعلول. وعند المتكلمين من جهة أنه يكثر حينئذ تخلل السكنات التي لا تخلو الحركة عن ثبوتها (١) ، وتختلف بالسرعة والبطء بحسب قلتها وكثرتها ، والفلاسفة نفوا ذلك بوجوه :
الأول : أنه لو كان البطء لتخلل السكنات لامتنع تلازم حركتين مع اتحاد الزمان واختلاف المسافة بالطول والقصر ، لأن الحركة التي في المسافة الأقصر تكون أبطأ ضرورة اتحاد الزمان ، واختلاف المسافة (٢) فيكون تخلل السكنات فيها أكثر ، فيصدق أنه قد لا يتحرك.
الثاني : عند تحرك الأول فلا يصدق أنه كلما تحرك الثاني تحرك الأول وبالعكس على ما هو معنى التلازم هذا خلف (٣) لكن اللازم باطل لتحقق التلازم مع تفاوت المسافة في صور كثيرة كحركة الشمس مع ما يتخيل من حركة ظلال الأشخاص (٤)
وإنما قلنا يتخيل لأن الظل عرض لا حركة له بل إنما يطرأ عليه الضوء الأول ، أعني الضوء الحاصل من مقابلة جرم الشمس ، فيرى كأنه يتحرك إلى الانتقاص ، أو يزول الضوء الأول فيحدث الظل شيئا فشيئا فيرى كأنه متحرك إلى الازدياد ، وكحركة طرفي الرحى ، أعني الدائرة العظيمة والصغيرة ، وكحركتي الشعبتين الخارجة والمتوسطة من الفرجار ذي الشعب الثلاث عند رسمها الدائرة العظيمة والصغيرة.
وأجيب بأنا لا نسلم (٥) تلازم الحركتين بمعنى امتناع الانفكاك عقلا ، وإنما
__________________
(١) في (أ) شوبها وهو تحريف.
(٢) في بزيادة (واختلاف المسافة).
(٣) سقط من (أ) لفظ (خلف).
(٤) في (ب) الأشجار بدلا من (الأشخاص).
(٥) في (أ) ثم بدلا من (نسلم).