وصاحب المواقف. بأن معناه أنه لا هو بحسب المفهوم ، ولا غيره بحسب الهوية ، كما هو الواجب في الحمل إذ لو كان المحمول غير الموضوع بحسب الهوية لم يصح الحمل ، ولو كان عينه بحسب المفهوم لم يفد ، بل لم يصح أيضا لامتناع النسبة بدون الاثنينية ، فمن قال. بالوجود الذهني (١) صرح بأنهما متحدان في الخارج متغايران في الذهن ، ومن لم يقل لم يصرح به ، بل قال : لا عين ، ولا غير ، لأن المعلوم قطعا ، هو أنه لا بد بينهما من اتحاد من وجه ، واختلاف من وجه ، وإما أن ذلك في الخارج ، وهذا في الذهن فلا ، وكلا الاعتذارين فاسد.
أما الأول. فلأن منهم من حاول إثبات ذلك بالدليل. فقال ، لو كان الجزء غير الكل لكان غير نفسه لأن العشرة مثلا (٢) اسم لجميع الأفراد متناول كل فرد مع أغياره فلو كان الواحد غير العشرة لصار غير نفسه لأنه من العشرة وأن تكون العشرة بدونه وكذا اليد من زيد ، وبطلان هذا الكلام ظاهر ، لأن مغايرة الشيء للشيء لا يقتضي مغايرته لكل جزء (٣) من أجزائه حتى يلزم مغايرته لنفسه ، وزعم هذا القائل. أن هذا الدليل قطعي وأن القول بكون الواحد غير العشرة فاسد لم يقل به أحد إلا جعفر بن حرث من المعتزلة وعد هذا من جهالاته.
وأما الثاني. فلأن الكلام في الأجزاء والصفات الغير المحمولة ، كالواحد من العشرة ، واليد من زيد ، والعلم مع الذات ، والقدرة مع الذات ، ونحو ذلك مما لا يتصور اتحادهما بحسب الوجود والهوية.
التغاير يكفي فيه الانفكاك
(قال : وبعضهم (٤) على أنه لا بد في عدم مغايرة الشيئين من امتناع كل
__________________
(١) في (ب) بزيادة (فيه).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (مثلا).
(٣) سقط من (أ) لفظ (جزء).
(٤) قال الآمدي : وبعضهم جرى على خلاف ما تقدم فزعم أن التغاير يكفي فيه الانفكاك من طرف واحد.