وثانيهما : أن من شرط المتقابلين أن يكونا متواردين على موضوع واحد كما أشرنا إليه (١) ، وقد صرح به (٢) بعض المتأخرين ، وموضوع العدمين المضافين كاللاسواد واللابياض ، متعدد ضرورة أنهما لو أضيفا إلى واحد لم يكونا عدمين ، وبهذا يخرج التقصي عن إشكالين:
أحدهما : أن مثل الإنسانية مع الفرسية داخل في حد (٣) المتقابلين ضرورة امتناع اجتماعهما مع أنه ليس أحد الأقسام (٤) الأربعة ، أما غير التضاد فظاهر. وأما التضاد ، فللإطباق على أنه لا تضاد بين الجواهر لامتناع ورودها على الموضوع.
وثانيهما : أن الملزوم وعدم اللازم كالسواد واللالون متقابلان ضرورة امتناع اجتماعهما وليسا أحد الأقسام. أما السلب والإيجاب فلاجتماعهما على الكذب كما في البياض ، وأما غيرهما فظاهر ، ووجه التقصي أن مثل (٥) هذا ليس من التقابل ، لا انتفاء التوارد على موضوع واحد ، وفي هذا الكلام (٦) نظر أما أولا فلأن ما ذكر من اجتماع العدمين ، إنما يكون. إذا لم يعتبر (٧) إضافة أحدهما إلى الآخر ، كما في اللاسواد ، واللابياض بخلاف مثل العمى واللاعمى ، والامتناع واللاامتناع.
وأما ثانيا : فلأن الموضوع في التقابل ليس بمعنى المحل المقوم للحال حتى يلزم أن يكون المتقابلان من قبيل الأعراض البتة للقطع بتقابل الإيجاب والسلب في الجواهر مثل الفرسية ، واللافرسية ، بل صرح ابن سينا بالتضاد بين الصور اعتبارا بالورود على المحل الذي هو الهيولي (٨).
__________________
(١) في (ب) سابقا بدلا من (إليه).
(٢) في (أ) بحذف لفظ (به).
(٣) في (ج) بإسقاط لفظ (حد).
(٤) في (أ) أقسام بدلا من (الأقسام).
(٥) في (ب) و (ج) سقط لفظ (مثل).
(٦) في (أ) و (ب) سقط (الكلام).
(٧) في (ج) لم يقصد بدلا من (يعتبر).
(٨) راجع التعريف بالهيولى في الجزء الأول من هذا الكتاب.