والجواب : أن المؤثر في وجود المعلول ليس هو العلة (١) الفاعلية بجملتها ، بل ذات الفاعل فقط ، وسائر ما يرجع إلى الفاعل ، إنما هي شرائط التأثير ، ولا امتناع في استناد المعلول إلى فاعل موجود مقرون بأمور عدمية ، بمعنى أن العقل إذا لاحظه حكم بأنه لا يحصل بدونها مع القطع بأن الموجد هو الفاعل الموجود ، وحينئذ لا ينسد (٢) باب إثبات الصانع ، لأن وجود الممكن يحتاج إلى وجود موجد ، وإن كان مقرونا بشرائط عدمية. وقد يجاب بأن الشرط إنما هو أمر وجودي خفي. وذلك الأمر العدمي الذي يظن كونه شرطا لازم له كاشف (٣) عنه مثلا شرط احتراق الخشبة ليس بزوال الرطوبة ، وانعدامها ، بل وجود اليبوسة الذي ينبئ عنه زوال الرطوبة (٤) وكذا سائر الصور.
فإن قيل : نفس عدم الحادث من مبادي وجوده لافتقاره إلى الفاعل المقارن له.
قلنا : الاحتياج إلى الشيء لا يقتضي الاحتياج إلى ما يقارنه ، ولهذا كان تقدم عدم الحادث على وجوده زمانيا محضا لا ذاتيا ، وكيف يعقل احتياج وجود الشيء إلى عدمه ، فهو ليس من المبادي إلا بالعرض بمعنى أنه يقارن المبدأ.
العلة التامة والناقصة
(قال : ثم جميع ما يحتاج الشيء (٥) يسمى علة تامة ، سواء كان هو الفاعل
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (هو).
(٢) في (ج) لا يفسر وهو (تحريف).
(٣) سقط من (أ) لفظ (له).
(٤) في (ب) خلوه من الرطوبة.
(٥) في وجوده بمعنى أن ذلك المحتاج إليه إن كان بحيث إنه متى حصل وجد ذلك الشيء البتة فهو يسمى علة تامة.