المبحث الثالث
وحدة المعلول توجب وحدة الفاعل
(قال : المبحث الثالث وحده المعلول بالشخص توجب وحدة الفاعل (١) خلافا لبعض المعتزلة (٢) ولا عكس (٣) خلافا للفلاسفة ، حيث منعوا صدور الكثير عن الواحد الحقيقي (٤).
أما الأول : فلأن الشخص لو علل بمستقلتين لاحتاج إلى كل لعلتيها واستغنى عنها العلية الأخرى ، ولأنه إما أن يحتاج إلى كل منهما فيكون جزء علة ، أو إلى إحداهما فقط فيكون هو العلة بخلاف النوع ، فإن المحتاج إلى كل منهما فرد مغاير للمحتاج إلى الأخرى كأفراد الحرارة الواقعة في نيران متعددة فالفرد بعينه يحتاج إلى علة بعينها وفرد ما إلى علة ما مع امتناع الاجتماع والنوع إلى علة (ما) مع جواز الاجتماع نظرا إلى تعدد الأفراد ، وهل يستند الفرد بعينه إلى علة ما بأن يقع بهذه كما يقع بتلك على البدل ولا يتبدل التشخص. فيه تردد (٥)
__________________
(١) أي كون وحدة واحد بالشخص يقتضي كون علته واحدة فلا يجوز أن يكون لشخص واحد علتان مستقلتان بحيث يوجد بكل منهما على الانفراد.
(٢) فإنه يقول بالجواز إذ الجوهر الفرد يجوز أن يلتصق بيد زيد ويد عمرو مثلا ، فإذا جذبته يد زيد ودفعته يد عمرو لصوب الجذب في آن واحد فلا محالة تحصل حركته حينئذ منهما.
(٣) أي لا توجب وحدة العلة وحدة المعلول.
(٤) وهو الذي وحدته شخصية مع انتفاء تعدد الشروط والآلات.
(٥) أي نظر واحتمال فيصح أن يقال بالاستناد نظرا إلى أن تشخص الشيء يتحقق بدون فاعله وأن يقال بعدمه نظرا إلى أن التشخص لا يتحقق في الشيء لا باختيار وتعلق تأثير المؤثر الخاص به.