وثانيهما : تحقيقي. وهو إقامة البرهان على صدور الممكنات كلها عن واجب تعالى على ما سيأتي :
أدلة الفلاسفة على صدور الكثرة عن الواحد
(قال : احتجت الفلاسفة (١) بوجوه (٢) :
الأول : إن مصدريته (٣) لهذا غير مصدريته لذلك (٤) فإن دخل فيه شيء منهما تركب ، وإلا تسلسل ضرورة أن العارض (٥) معلول وله صدور. ورد بأنها أمر اعتباري ، لو كانت متحققة ، لم تتمحض وحدة الفاعل ، ولزم تكثر المعلولات ـ بل لا تناهيها إذا صدر عن الواجب شيء ، إذ معلولية العارض هناك (٦) مسلمة (٧) ، على أنه لو صح هذا الدليل لزم أن لا يصدر عن الواحد شيء أصلا ، لكون صدوره مغايرا ، وأن لا يسلب عنه إلا واحد ، ولا يتصف لا بواحد ، ولا يقبل إلا واحد.
فإن قيل : السلوب اعتبارات لا تحقق لها ، ولا تمايز في الأعيان ، وكذا الاتصاف والقابلية (٨) ، بخلاف الصدور (٩) ، فإنه كما يطلق على اعتباري بعرض للعلة والمعلول من حيث هما معا ، يطلق على حقيقي (١٠) ، هو كون
__________________
(١) على مدعاهم وهو صدور الكثير عن الواحد.
(٢) بوجوه ثلاثة.
(٣) أي مصدرية الواحد الحقيقي.
(٤) الصادر الآخر بمعنى أن صدور شيئين فأكثر عن الواحد يستلزم كونه محلا لصدورهما وكونه محلا لصدور الغير عنه هو معنى المصدرية.
(٥) أي كون العارض معلولا عن الواجب.
(٦) أي حيث يصدر عنه.
(٧) فيلزم إذا كانت المصدرية موجودة خارجية أن يكون لها صدور وصدورها هو المعنى المقصود من المصدرية.
(٨) القابلية : هي التي كون الشيء لا ينافي وصفا من الأوصاف.
(٩) الصدور : الذي هو مرجع معنى المصدرية المتقدمة.
(١٠) حقيقي : أي متحقق في نفسه لا يتوقف في فهمه وتقرره على شيئين حتى يكون اعتباريا به بل وجودي وهذا المعنى الحقيقي المراد بالصدور هنا.