يريد دفع ما سبق إلى كثير من الأوهام وهو أن الفوق والتحت متضايفان لا يعقل كل منهما إلا بالقياس إلى الآخر ، وكذا القدام والخلف واليمين والشمال ، والحق أن التضايف إنما هو بين الفوق وذي الفوق ، وكذا البواقي ، وأما الجهتان فقد تنفكان في التعقل ، بل في الوجود كما في الأرض ، فإنه لا تحت (١) لها إلا بالوهم ، فإن جميع (٢) أطراف امتداداتها الفعلية إلى السماء فلها الفوق فقط.
الأجسام محدثة بذواتها وصفاتها عند المليين
[قال (ومنها)
أن الأجسام محدثة بذواتها وصفاتها (٣) كما هو رأى المليين خلافا للمتأخرين من الفلاسفة فيهما حيث زعموا أن الفلكيات قديمة ، سوى الحركات والأوضاع الجزئية ، والعنصريات قديمة بموادها وصورها الجسمية نوعا ، والنوعية جنسا ، وللمتقدمين منهم في الذوات خاصة ، حيث زعموا أن هناك مادة قديمة على اختلاف آرائهم في أنها جسم. وهو العناصر الأربعة ، أو الأرض أو النار أو الماء أو الهواء ، والبواقي تتلطف وتتكشف ، والسماء من دخان يرتفع منه ، أو جوهرة غيرها أو أجسام صغار صلبة كرية أو مختلفة الأشكال أو ليست بجسم ، بل نور وظلمة أو نفس وهيولى ، أو وحدات تحيزت فصارت نقطا واجتمعت النقط خطا ، والخطوط سطحا ، والسطوح جسما].
أي ومن أحكام الجسم أنها محدثة بالزمان والاحتمالات الممكنة هاهنا ثلاثة :
الأول : حدوث الأجسام بذواتها وصفاتها ، وإليه ذهب أرباب الملل من المسلمين وغيرهم.
والثاني : قدمها كذلك وإليه ذهب أرسطو (٤) وشيعته ، ونعني بالصفة ما يعم
__________________
(١) في (ب) يجب بدلا من (لا تحت) وهو تحريف
(٢) سقط من (ب) كلمة (جميع)
(٣) سقط من (أ) لفظ (وصفاتها)
(٤) ارسطو فيلسوف يوناني تتلمذ على افلاطون ، وعلم الاسكندر الاكبر واسس اللوقيون حيث كان ـ